الجلبة والضوضاء التي أثارها كبير مساعدي الرئيس أركو مناوي مع نفحات الانتخابات لها ما يبررها؛ فالسيد مناوي وقع على اتفاق أبوجا، وجلس في القصر الرئاسي مساعداً للرئيس، وأخذ الرجال الذين على أكتافهم صعد مناوي من قرية (مزيد) في شمال دارفور حتى مقرن النيلين في التخلي عنه بالعودة لحيث انطلقت الرصاصات وبالخروج من تحت عباءة سلطانه!!! هل فاجأت الانتخابات كبير مساعدي الرئيس؟؟ أم قراءات الرجل للساحة السياسية اعتراها الضعف؟ والقوى السياسية المعارضة تهدد بمقاطعة الانتخابات وتعطيل قيامها، في المنابر وأبواق الإعلام، وتعدّ نفسها سراً لخوضها وقطف ثمارها، وإبعاد مناوي من الملعب السياسي بخديعة ناعمة انطلت على رجل بسيط وصادق فيما يقول، ولم يدرك بعد ألاعيب الساسة والأحزاب قديمها وجديدها.. دخل حزب الأمة الملعب مبكراً وأعلن مرشحيه لمناصب الولاة والدوائر الجغرافية، وتبعه الاتحادي الديمقراطي، ثم المؤتمر الشعبي، وقد تفاجئ الحركة الشعبية الجميع الأسبوع الجاري، وترمي بثقلها في الساحة، ويصبح السيد أركو مناوي مثل الخليفة المأمون حينما خذله (خيلانه) الأتراك!!. مناوي رفع صوته عالياً ووصف المؤتمر الوطني شريكه في السلطة وحبيب قلبه، في السابق، بأنه حزب (مخادع وغشاش).. ذهب لمدينة زالنجي الأسبوع الماضي، فاختار زيارة أسرة عبد الواحد محمد نور رفيق دربه السابق، في محاولة فسرت بأنها خطوة متأخرة للبحث عن عبد الواحد وحينما لم يجد، اختار أسرته الصغيرة في زالنجي بدلاً عن دخول المنطقة من الأبواب الكبيرة، (الدمنقاوي) فضل سيسة (الأمير) فضل النور.. لكن مناوي ذهب لأسرة عبد الواحد محمد نور يردد أغنية «جيت تفتش الماضي.. والماضي ولّى خلاص». لم يُعِدّ مناوي نفسه لخوض الانتخابات القادمة حتى يدخل البرلمان من دائرة جغرافية في شمال دارفور التي يقبض عليها (عثمان كبر) كعصفور صغير تحت أيدي صياد ماهر ويغني «يا بنيتي حسابك صوت مناوي تسمعا» ومناوي يتحدث في حي الموردة عن (مساعد الحلة) ويذرف دموع الأسى على أيام معدودة في القصر الرئاسي، ويغادر موقعه الرفيع، ولا تلوح في الأفق بوادر عودة، لكنه لن ينسى أياماً مضت لن ينسى ذكراها.. أي مستقبل ينتظر الحركات المسلحة والحركات السياسية التي وقعت اتفاقيات مع المؤتمر الوطني ولم تحسب لليوم الأسود، مثلما فعل د. جلال يوسف الدقير يدخر الأبيض لليوم الأسود، والدقير اليوم في وضع يجعل محمد يوسف الدقير منافساً حقيقياً لعبد الرحمن الخضر في ولاية الخرطوم، والسماني الوسيلة حصان رابح اذا اختاره د. جلال الدقير لمنافسة محمد نور الله في بحر أبيض، لكن مناوي أصغى لنصائح المعارضة بالسير أمامها لمقاطعة الانتخابات، وحينما قرع أبيل ألير أجراس السباق نحو السلطة (تركوه مثل السيف وحده)؟؟ لكن هل المؤتمر الوطني آثر مصالحه الخاصة، ولم يسعَ لترتيب مع مناوي يحفظ له وجوداً في معادلة السلطة القادمة، أم في مناخ الغنائم الانتخابية تعمى المقاعد الأبصار ويصبح كل قوم بما لديهم فرحين؟؟