المجتمع السودانى من المجتمعات الهشة التى قد تكون عرضة بشكل دائم لمهددات بالرغم من تفاهتها و سذاجتها نجدها تحدث إستجابة كبيرة وسط الناس دون أن يكون هناك تناسب بين الأثر و المؤثر ، مثل فريق لكرة القدم يحل ضيفا على فريق آخر يمنى النفس بالتعادل فيخرج منتصرا بخماسية ذلك بالضبط هو ما يحدثه شىء لا قيمة له وسط عامة الناس و للأسف أضحت ثقافة العامة و إهتماماتهم هى التى تقود مجتمعاتنا ، و هذا ما دفع الناس كافة ، عوامهم و مثقفيهم للإنخراط خلف شائعة «السلام » المعروفة و التى أحدثت وقتها شرخا كبيرا وسط مجتمعنا و كلنا نضحك و نتبادل الشائعة دون أن نعى الدمار الهائل الذى تقودنا إليه .. كسرت الحياء الذى كان يسود مجتمعنا و صار الناس يتحدثون أمام نسائهم و أطفالهم فى حضرة الغرباء بحديث لم يكن الواحد منا فى السابق يحادث به نفسه ، و تلك كانت هى مهمة الشائعة ، أن تكسر حائط الصد و من ثم تدخل علينا شائعة أخرى فتضيف الى الشرخ و هكذا تواترت الشائعات المخدومة بأبطال لها و حكايات تفور و تمور بكرامات لشيخ يعالج كل الأمراض بالكى و صحفية تعالج ببركاتها التى حلت عليها فجأة من السماء ، كما يدعى المروجون لبضاعتها ، و طفل يعالج ب «موية السكر »مرض السكرى ، و هذه الأيام نسمع ب «عائشة أم ضنب »التى إختزل مجتمعنا عبارتها من لغة «الرندوك »بعد أن أستدرج لها لتضيف للشرخ أبعادا حتى يتسع الرتق على الراتق ، و قبل أن نستفيق من هذه تدخل علينا شائعة الحيوانات المتوحشة التى تأكل الإمعاء فقط بعد أن تكسر عنق ضحيتها كما تفضلت صحافتنا بصور و إفادات لشهود و بعد يوم يتكلمون عن كلاب ضالة عرضت علينا صورها بعد أن حاولت إفتراس طفل بضاحية المنارة. كل هذه الضجة تعكس و بجلاء الهشاشة التى هى سمة مجتمعنا ، فمن الممكن ان تكون هناك كلاب ضالة و لكنها ليست بالقدر الذى نتصوره .. سمعت مذيعا بإحدى محطات «الإف إم »و هو يصرخ و كأن نارا هبطت علينا من السماء و التلفزيون القومى لم يتخلف عن موجة الضلال فصًور وبث ليشهد العالم أجمع بأننا نعيش فى الغابة جنبا لجنب مع الحيوانات ، و الذى أعلمه بأن كل شىء كان إعتياديا و الطفل حفظته العناية الإلهية من كلب، مجرد كلب. أس أزمتنا أن مجتمعنا يتثقف ثقافة شفهية و يتمتع بخيال شعبى هائل ... يتخيل بلا حدود .. الأساطير و الكرامات تعشعش فى أذهاننا ، تحول بيننا و أن نمارس التفكير و إعمال العقل و أن نطرح الأسئلة التى تفرض نفسها لنحصل على الأجوبة السليمة و من بعد ذلك نؤسس مواقفنا ، و لهذا اشفق على مجتمعنا الذى يصدق كل شىء . كما كتبت سابقا أننا فى حاجة لثورة برتقالية ، هى ثورة فى المفاهيم و الممارسة ، تصحح أوضاعنا رأسا على عقب، والله المستعان ..