نحن أمة تقليدية في كل شيء، تسيطر علينا العادات والتقاليد، وبعضها أصبح عرفاً، والعرف كما تعلمون أحياناً يقيدك وبمرور الزمن قد يصبح قانوناً، كما أن تربيتنا الأسرية مؤثرة فينا بصورة كبيرة تجعلنا نسلك طريق من سبقوا، خاصة عند الواجب والمواقف المحرجة والضرورية «مهما كان الثمن»، وتأكيداً لذلك أنظر لقول هذا الشاعر البدوي: نحن قلوبنا ما بسكن خفيف بجوارن يمشن دغري بالدرب القبيل مشنبو كبارن هذا ما كان يحدث بالضبط في زمان سالف، وبديهي والحال هكذا كان لابد من ظهور بعض التقاليد والعادات والعقائد كمسايرة، فمثلاً في الوسط والشمال وعند حالة الوفاة تتجمع النسوة لدق النقارة وكتيح الرؤوس بالتراب والرماد والرديح بطريقة تشابه العرضة أو الرقيص مع ترديد ذلك النشيد الشيطاني «حي وووب»، وهن حفاة الأقدام مع الإمتناع عن الأكل والشرب إلا بعد ضغوط، ثم تبدأ بعد ذلك مرحلة الحد «بكسر الحاء»، وذلك بعدم دهن الشعر مع لبس الدمورية لشهور عديدة وتحريم الرفاهية لزمن طويل والعياذ بالله، أما الرجال فيكتفون بعدم غيار الملابس لفترة مع تأجيل الحلاقة والنوم على الأرض أثناء أيام العزاء. أما الأفراح فلو أخذنا منها بعض عادات النساء عند الزواج في السابق فنجد أهمها تجهيز العروس قبل زمن كافٍ من أيام الزواج، وذلك بحبسها بقصد تحسين مظهرها وإصلاح حالها إن صح التعبير، وذلك بإجراء عمليات التجميل الجسدي لها «بالطرق السودانية المعروفة»، ثم يأتي بعد ذلك الاستعداد ليوم الزواج، وعادة ما تبدأ من منزل العروس وذلك بتجديد وطلاء المنزل وخلافه، ثم تبدأ الحفلات وتنتقل إلى منزل العريس «الحناء»، ثم تعود مرة أخرى إلى مكانها الرئيسي منزل العروس «ليلة الدخلة» والأيام التي تليه «كالصبحية» والجرتق. وكلها أشياء مزعجة تحتاج للسترة وطولة البال. ولكن بحمد الله مع التطور الذي طرأ على البلاد بأكملها انتشرت الحضارة حتى صارت بعض القرى تضارع المدن، فانعكس ذلك على أغلبية العادات التي اسلفنا ذكرها، سواء كانت في الأحزان أو الأفراح وذلك بترك الناس للكثير من العادات السالبة أو تغييرها للأحسن، أما ما دعاني للتعرض لهذه العادات بنوعياتها المختلفة والكتابة بشأنها، هو ظهور واحدة منها مرة أخرى بعد أن تركها الناس لفترة طويلة باعتبارها ضارة ولكنها بدأت تظهر مرة أخرى وخاصة بالعاصمة وعلى عينك يا تاجر، ألا وهي «الجلد بالسوط» في حفلات الأفراح، وبما أنني أحد الذين قال عنهم الشاعر ألتقى جيل البطولات بجيل التضحيات، أي أنني عشت مع جيلين فشعرت بأن أغلبية رواد الحفلات من الجنسين غير مؤيدين لظهور هذه الأشياء مرة أخرى ويقابلونها بالكثير من الاشمئزاز، لذا وضعت نفسي في حالة «تجرد» تحسباً للقيل والقال وكمساهمة مني في وضع حل لهذه الظاهرة، فقد جمعت حولي عدداً من الشباب من الجنسين أُولي العلم والمعاصرة على هيئة اجتماع لأخذ رأيهم في المسألة، وهم عبد الحفيظ أحمد بابكر، ومحمد أحمد الزين، والأستاذة أمل خضر باحث اجتماعي، وهدى أحمد الزين، وبعد نقاش مستفيض خرجت منهم بالآتي: أ/ إن المسألة في ظاهرها هي نوع من المجاملة ولكنها تتخطى ذلك بدخولها في الجانب النفسي بإبراز الشاب لشجاعته أمام الفتيات، إضافة لعامل الطرب وكثيراً منهم يرتعش ولا يرتاح إلا بعد الجلد. ب/ من الناحية الدينية فإنها تعتبر ظاهرة، والظاهرة بدعة ومن أفعال الجاهلية والحديث يقول «كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار». ج/ أما من الناحية الصحية فهي تشويه وإتلاف لجسم الشاب الذي ربما يكون مريضاً بالسكري وهو لا يدري، الى جانب الألم فيما بعد. د/ اجتماعياً الظاهرة شاذة وقد تدخل الرعب في قلوب الآخرين خاصة الصغار، كما أنها تعطل المصاب من الدراسة والعمل. ختاماً: نأمل أن نكون قد وفقنا في التوضيح وخرجنا بالمفيد تجنباً للتهلكة والسعي للخير بإرضاء الله والمجتمع، مع أمنياتنا للجميع بكل ما هو عديل وزين ومساير للحضارة والزمن. ü مهندس/إتحاد تعليم قيادة السيارات الحلة الجديدة