وصلتني الرسالة التالية من الباشمهندس حسن عماس رئيس مجلس أمناء منظمة المفازة الخيرية، بمناسبة زيارة والي القضارف المعيَّن المهندس مبارك منير هجو لمقر المنظمة، التي لم يمض على تشكيلها سوى شهور معدودة، وقد أوضح أعضاء المنظمة للوالي هجو معاناة وأوجاع المنطقة برغم تاريخها العريق، فالمفازة تفتقر للحد الأدنى من خدمات البنى التحتية، مثل الطرق والكهرباء المتصلة بالشبكة القومية، وتنقطع عن باقي الوطن والعالم بأجمعه خلال فصل الخريف، بالرغم مما تذخر به المنطقة من إنتاج زراعي وحيواني وبستاني يضارع غيرها من مناطق الإنتاج. وبالرغم من اللهجة الهادئة والتقريرية التي طبعت الرسالة إلاِّ أنها تعبر عن حالة تستحق اهتمام الدولة ومسؤوليها في الولاية وفي المركز، فإلى نص الرسالة: في مبادرة كريمة من السيد والي ولاية القضارف المهندس مبارك منير هجو سجل فيها زيارة إلى منظمة أبناء منطقة المفازة الخيرية بدارها الكائنة ببري مقابل معرض الخرطوم الدولي. وقد كان في استقباله ولقائه نخبة من أبناء منطقة المفازة على رأسهم المهندس حسن عماس رئيس مجلس الأمناء والدكتور كمال محمد أحمد إدريس رئيس المكتب التنفيذي والسيد فيصل عبد الحي الأمين العام ونخبة من قيادة العمل الطوعي بالمنطقة. ونظراً لضيق الوقت لم يتم التمكن من إخطار قيادات أخرى ذات مقدرة للمساهمة في الحوار وإثرائه. إلا أن من كان حاضراً قد قام بدور هام في تعريف السيد الوالي بأهداف المنظمة وطموحاتها نحو خدمة المنطقة والنهوض بها وإقالة عثراتها. حيث تم التوضيح له ما تعانيه المنطقة بتاريخها العريق حيث كانت حتى عام 1928م هي (المركز) الإداري لكافة المنطقة والمركز التجاري لشرق السودان، وقد تم افتتاح أول مدرسة أولية بها في عام 1907 وكانت أول مدرسة في كافة منطقة شرق السودان حتى بورتسودان. ومنذ تلك الفترة بدأ العد التنازلي لها حيث تم نقل المركز منها إلى قلع النحل ومن ثم إلى القضارف بعد تأسيس المديرية في كسلا. وتفتقر المنطقة إلى البنية التحتية الأساسية (الطرق وكهرباء الشبكة القومية) حيث أنها تنقطع عن العالم تماماً في فصل الخريف بالإضافة إلى رداءة الطرق في فصل الصيف. وتذخر المنطقة بالإنتاج الزراعي والحيواني والبستاني، وأقرب مثال لذلك من الإنتاج الزراعي هو ما يغمر كافة أرجاء ولاية الخرطوم الآن من بطيخ (أبورخم) الذي يتميز على كافة الأنواع التي ترد إلى الأسواق في كافة المواسم. إلا أن وسيلة توصيلها إلى الأسواق فيها كثير من المشقة صيفاً وتنقطع تماماً خريفاً. وحديثاً بدأت أعداد كبيرة من الأسر في الهجرة إلى الخرطوم وود مدني والقضارف، وتقدر الأسر المهاجرة من المنطقة إلى الخرطوم فقط بحوالي 385 أسرة في الثلاث سنوات الأخيرة. إن توفر البنية التحتية الأساسية من طرق وكهرباء ومياه، سوف ينعش المنطقة اقتصادياً مما يوفر فرص العمل والحياة الكريمة لأبنائها وإيقاف نزيف الهجرة. تطرق الحديث أيضاً إلى أن هذه المنظمة فتية لم يتجاوزها عمرها عدة أشهر إلا أنها استطاعت أن تنشئ لها مقراً وفي موقع مميز وأكملت هياكلها الإدارية وأسست دارها لكي تنطلق في جذب الدعم الحكومي والأهلي والطوعي المحلي والعالمي إلى تلك المنطقة. وذلك من خلال إبراز هموم ومعاناة المنطقة وتسليط الضوء عليها وطلب المساعدة في توفير الحلول من كافة الجهات الرسمية وغيرها علماً بأن هذه المنظمة تكونت وتعمل بروح قومية شاملة خالية من التمحور هدفها الأول والأخير مصلحة المنطقة. وبيَّن أعضاء المنظمة أنها حتى تاريخه لم تتلق أي عون من أية جهة لكي تتمكن من التسيير ومقابلة الالتزامات الضرورية. وكل ما تم حتى الآن هو بجهد الأعضاء فقط. ابتدر السيد الوالي حديثه بالترحيب بفكرة اللقاء وانه جد سعيد لأنه لا يخاطب فرداً وإنما يخاطب كياناً مجرداً من الأغراض الشخصية وهدفه الأساسي خدمة المنطقة (منطقة المفازة). وقدأوضح السيد الوالي أن الولاية عندما استلمت العمل وجدت أن الموقف الصحي والتعليمي ومياه الشرب وكافة الخدمات في غاية الحرج والتدهور وقد بين بالأرقام والنسب المئوية وكيف أن حكومة الولاية سعت جاهدة لانتشال الولاية في كافة مناطقها لتحسين الوضع تدريجياً وأن الالتزامات أضخم من الإمكانيات المتوفرة خاصة وأن دخل الولاية قد انخفض كثيراً بعد رفع الرسوم على المحاصيل. أما فيما يختص بمنطقة المفازة فقد بشر بأن طريق (الحواتة/ المفازة/ القرية 3) قد تم تضمينه في مشروع سنجةالقضارف الذي تم التوقيع عليه مؤخراً في الهيئة القومية للطرق والجسور. كما وعد بأن تلتزم الولاية بحفر حوالي 20 بئراً للمياه إذا ما تم توفير المضخات من جانب المنظمة وأعضائها. هذا وقد التزم بأن تساهم الولاية في دفع إيجار الدار والتزاماتها في حدود 2000 جنيه شهرياً ولمدة ستة أشهر.واعتذر عن ضيق الوقت وكثرة الارتباطات التي لم تمكنه من تحديد موعد اللقاء بوقت كاف لمقابلة كافة الناشطين في عمل المنظمة العام، ووعد بأن يعاود اللقاءات مستقبلاً كلما اتيحت له الفرصة للحضور للخرطوم. هذا وقد ثمَّن أعضاء المنظمة هذا اللقاء بأنه كان لقاءاً ناجحاً ومثمراً وعبَّروا للسيد الوالي على تقديرهم وامتنانهم لما أبداه من اهتمام وحسن تعاون متمنين له التوفيق والسداد.