وجزا الله ... القنوات الفضائية كل خير.. فقد عرفتنا .. معنى .. كرامة وحرية الإنسان.. علمتنا... حرمة وصيانة المال العام.. ولعل الأشد خطراً.. وخطورة.. على حكام العالم الثالث.. الجاثمين على صدور شعوبهم.. المتربصين على كراسي سلطانهم وسلطاتهم.. وقصورهم وصولجانهم ليس الغزو الخارجي.. ولا العدو الذي هو على أبواب المدينة.. ولا تظاهرات.. واحتجاجات شعوبهم المسكينة.. ولا حتى الطابور الخامس.. ولا نقص الأنفس وموت مواطنيهم بالجملة.. في هوجة وباء.. أو هجوم فيروسات.. أو جراثيم.. أو طوفان جراد.. لا خطر عليهم البتة.. لو جفت ينابيع مياه أنهارهم وآبارهم.. لا خوف عليهم.. لو اجتاح شعوبهم الجوع.. الخطر كل الخطر هو ذاك الفضاء المفتوح... وتلك المعلومات.. والأحداث التي تأتي إلى شعوبهم بالصوت والصورة.. صوراً ناطقة وأحداثاً ناصعة.. تأتي في اللحظة والحين والتو.. من أخر ((بوصة)) في شواطئ الأطلنطي الغربية.. أو من سقف العالم في سيبريا.. أو من قلب أوربا.. تأتي لنا.. حتى داخل.. حجراتنا وفي مخادعنا.. وفي فضاء (الحوش).. أو في قلب الصالون.. والديوان.. تأتي الصورة.. ورئيس وزراء أو وزير خطير وكبير.. أو حتى رئيس جمهورية تبسط له (فرشات) السجاد الأحمر.. تأتي الصورة.. وهو متهم.. باستغلال نفوذ.. أو تحويل مبلغ من خزينة الدولة إلى حسابه الخاص.. هنا.. نعلم عبر الصورة.. أنه هناك لا كبير على القانون.. الحرامي هو حرامي وإن كان.. يشغل أجل الوظائف خطراً.. نراه مذعوراً.. مزروراً (زرة كلب في الطاحونة) .. وهناك أمام القضاء.. الذي يستوي أمام منصاته وقاعاته الهائلة الوقورة.. الوزير تماماً مع بائع الجرجير.. وهناك.. إما براءة ساطعة مقنعة.. أو السجن الذي هو أحب إليه من مواجهة أولاده وزوجته ومجتمعه.. ورغم إن الانتحار عيب وحرام.. ولكن كثيراً ما ولج ساحاته من سقط في نظر عائلته ومجتمعه وناخبيه وأنصاره ذاك المرتشي أو المختلس.. أو الناهب.. نعم.. نحن في العالم الثالث نشاهد.. ونتلفت حولنا ونقارن.. تتراكم هذه الصور وتنطبع راسخة في مؤخرة عقولنا.. لنعرف إننا نعيش مع هؤلاء (الكفار) في نفس الكوكب.. ولكم أن تسألوا.. وأين الخطر على الحكام هؤلاء.. من تلك الصور وأقول.. إن لهذه الشعوب طاقة احتمال.. محدودة ومحدودة.. حتماً.. ستنفجر يوماً ما في عصف كالرعد.. في سيل كالطوفان.. في إعصار كصرصر العاتية.. وضعوا إناء محكم الغطاء.. ملئاً بالماء.. في مرجل مشتعل باللهيب.. إنه حتماً يطير وينفجر.. أكتب هذا.. وأنا في غاية الألم.. واليأس والاحباط.. وها هي الصحف.. تتحدث كل صباح عن الفساد.. ولا أحد يحرك ساكناً.. نحن (يوماتي) نشاهد بأم أعيننا.. موظفين في هذه الدولة الفتية.. يتطاولون في البنيان.. ولا أحد يسأل من أين لك هذا.. وها هي الصحف.. تتحدث عن (زول) واحد.. يأخذ من البنك .. ثمانية وثلاثين ملياراً.. وكأنه اختطف من ميدان جاكسون.. حيث فقراء بلادي يتزاحمون ويتدافعون بالمناكب بحثاً عن (مقعد نص) في حافلة عزيزة.. بعيدة المنال.. أقول كأنه إختطف (موبايل) أو جزلان أو حتى (فردة) حذاء.. وحتى هذا (الحرامي).. حرامي ميدان جاكسون.. يعدوا وراءه أرتال وجموع من البشر.. حتى (يكعبله) أحد فاعلي الخير ويطرحه أرضاً.. ثم (ضرب) مبرح.. وبعدها يقتادونه إلى (النقطة). والعجيب.. إن الدولة ممثلة في أجهزة عدلها.. لا تخرج ردة فعلها غير طلب الهداية لهؤلاء المختلسين.. مذكرين لهم بالوعيد.. ونار الله الموقدة في ذاك اليوم الرهيب. صحيح.. أن إتهام الناس بلا أدلة ولا برهان.. هو رمي للناس بالباطل.. وتلويث شرفهم المصان.. ولكن بالله عليكم.. دلوني على حرامي واحد أو مختلس واحد.. أو ماكر واحد.. أو مستهبل واحد.. تبلغ به الغشامة.. ليشهد على (سرقته) واختلاسه أو تحايله طائفة من الناس.. إن المختلس.. يفعل كل هذا بعيداً عن أعين الرقباء.. وهو بالذكاء الذي لا يترك فيه أثراً لفعلته.. وسرقته.. والأعجب من كل ذلك.. إن كل هذا الأمر المروع.. وتلك المبالغ.. التي تبلغ الجبال طولاً.. يطويها.. النسيان.. ولا يكاد يسمع لها ذكر بعد اسبوع واحد من انفجارها.. إذن ما العمل.. غداً نحكي.