الساحة السياسية من يحرك ساكنها ، و من يضبط إيقاعها ، و من يستر عوراتها و سؤاتها و هى تتعرى داخل أبنية السفارات ، و من ينتبه و يستدرك قبل أن يخرق سفينة الوطن أحد أبنائه و هى تقل صالحهم و طالحهم من أحزاب تجاوزت الخمسين حزبا .. ساحة مليئة بالمفاجأت حين ينطق من ينطق و هو لايلقى بالا ، و حين يصعد من يستحق أن يسحق .. و حين يعمد كثيرون لصب الزيت فى النار لحرق وطن مقابل عودة رخيصة الى سدة الحكم بأى طريقة كانت ، و هذا ما يجمعهم على صعيد واحد رغم التباين فى كل شيء ، و ما يجمعهم هو نفسه ما يجمع شعب السودان على صعيد واحد فى مواجهتهم ، و هذا ما لا يتوقعه الفرقاء { تحسبهم جميعا و قلوبهم شتى } .. كلما إقترب سلفا من الترابى نفض فريق من ملته يده و يمم قبلة الوطنى ، و من ملة سلفا يمم قبلة الوطنى ، و من ملة الصادق يمم قبلة الوطنى .. داخل كل فريق فريق لا يحتمل الآخر فتتدفق أنهار الناخبين الى الوطنى ، ذلك أن الوطنى أهون عليهم من صورة قاتمة لشراكة لا لون لها و لا طعم و لا رائحة .. الجنوبيون بمن فيهم الحركة الشعبية ينظرون الى البشير بإعتباره الضامن لاتفاق حاربوا لأجله خمسين عاما ، و هو من وقع معهم فكيف يستبدلون ضامناً بآخر لم يرق لمرتبة أن يكون شاهدا .. الشماليون بمن فيهم من أحزاب سقطت ألف مرة فى إمتحان الحكم و المعارضة ينظرون الى البشير بإعتباره الضامن الأوحد من بعد الله لسلامة وطن تتهدده المؤامرات من كل جانب و هو ينهض و يتعافى من الضعف و الفقر ، شعب الشمال يعرف من هو رجل المرحلة القادمة و من هى حكومة المرحلة القادمة ، و يعرف من يتواضع أمام مسؤوليات جسام و لا يفكر إلا فى نفسه ، كل التمارين السياسية التى شهدتها الساحة السودانية فى الفترة الماضية من مسيرات و مظاهرات كافية لوضع التشكيل المناسب لخوض مرحلة دقيقة من حياة الأمة السودانية . يجب أن يتنبه شعبنا الى أهمية المرحلة القادمة جيدا و أنها تتطلب أصلب العناصر ، تتطلب حكمة و خبرة و قوة و مسؤولية ، على شعبنا أن يتفحص المرشحين قبل أن يقرر فى مصير وطن.