والتمايز هو التسابق في دروب ومرامي وأهداف الحياة المتشابكة.. وقد تتشابه بعض الرؤى وتتماثل في السياق وذاك السباق.. إلا أن العاقبة دائماً للأوفى والأمثل والأقوى.. وبذلك تعطي الرسالة والمسؤولية لمن يتوخى فيه القوم الفضل والقوة والألق.. فوق الآخرين.. ومن هنا هُيئت الميادين وأظهرت علاماتها وحدودها- لكنها بحراسات ومراقبات مشددة.. لتسهل تصفية النتائج والحساب.. وإن علا الصخب والعواء والصياح.. ولذلك نقول نحن (الميدان هو الميزان).. وحين نسمع إخواننا من حجاج (نيجيريا) عند الزحام يقولون (الحج قوة)- أي من ليس بقوي فلا ينبغي أن يحج.. أما الضعيف (أياً كان) فتسمع (حامليه) يهتفون فوق الجميع (حج.. حج) أي تحركوا.. أي افسحوا لنا بالمرور.. وتلك كلها دلالات على الحراك التماثلي لإحراز الهدف العالي.. الغالي.. وهذه سنة دائمة مستمرة في أي مجال من ضروب الحياة الدنيا حيث تتوزع وتتنوع المآرب.. فإن كانت هنا في (الدنيا) فشاهدها الواقع والمشاهد المعلوم.. وأما مآلها (هناك) فهو ميزان الحق.. الذي لا يضل فيه (ربنا) ولا ينسى.. فما دامت السماوات والأرضين.. سنظل هكذا.. تتجدد الأقضية وتتوالى الجماعات والشعوب والأمم.. وترسم الدوائر (الأليرية)- أبيل ألير- ترسم أفقياً ورأسياً.. حتى نرفع مقولة (عبود/ الرئيس) في (الستينيات)- كما أسلفت يوماً- (احكموا علينا بأعمالنا) رغم أنهم أطاحوا به.. كسودانيين- ثم هتفوا بعد حين (ضيعناك وضعنا وراك) فجاءت الديمقراطية (المصطلح) التي تشبه (بالشورى) التي تتميز بسمات العدل.. إن عُقلت.. إذ آيتها تقول (.. وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل..) وهذا توجيه من رب العزة جل وعلا.. أما الديمقراطية فلا مولى لها ولأنها يمكن أن تبيد شعباً.. وتنتهك الأعراض كما حدث في (البوسنة والهرسك) على مرأى من كل العالم.. وقد تقتل أبرياء حتى ولو كانوا (رؤساء شوامخ أعزاء!!) وحتى لو رأت مؤتمراً (لجامعة الدول العربية) في (الأسبوع الثاني) من (فبراير 2010) بدارفور.. وبحاضرتها الوسطى (الفاشر).. وتصدر (الجامعة) على لسان رئيسها المصري (عمرو موسى) تصدر قراراتها وتوصياتها بهدوء وثقة.. لكن يقول أرباب الديمقراطية إن (الفاشر) تبيد شعبها.. وتنتهك الحرمات.. والحريات.. وتسيل فوق أرضها الدماء.. وإن جاءت الديمقراطية بمن لا يرغبون.. في (انتخابات) بالجزائر يوماً.. أبعدوهم وجاءوا بآخرين.. ولكن أهل (الشورى) تغلب عليهم الثقة في (الله) تعالى.. وأن لهم مرجعية.. لم يضعها (نابليون) أو (بوش) وهي لا تكتنفها الشكوك وهي- أي المرجعية- (الكتاب الكريم) ولنا جامعة قرآنية كاملة من دون جامعات العالم- ترعاه.. وترعى مؤسساته حلقاً وخلاوى.. ودور.. ووعي متنامي.. وهي مرجعية تحذر الحاكم حين يقول هو: (إن رأيتم فيّ إعوجاجاً فقوموني)- أي صوبوني.. وعدلوني- فينبري له أحدهم مقسماً بالله العظيم.. (لو رأينا فيك إعوجاجاً لقومناك بسيوفنا).. فيرد الحاكم قائلاً: الحمد لله الذي جعل في أمتي من يقومني بالسيف..) كما حدث لوفدنا العام المنصرم.. حين نزلنا بقرية (شطاية) جنوبي(نيالا) وبيننا حكومة الولاية ومعنا الأخ (المتعافي) حاكم الخرطوم يومها.. فحين استمعنا لشكوى المتضررين من أحوال الأمن انبرى (المتعافي) والتزم.. ببعض الخدمات فنهض من بين الجمع أحدهم وقال أمامنا: (أوع تكون كضاب زي ناس الخرطوم عندكم هناك) فلم تتصدى الأجهزة.. لهذا الرجل.. بل تصدى له (المتعافي) قائلاً.. أطلب منكم.. وهذا (واليكم) بيننا.. أطلب ممثلاً منكم الآن يركب معي في هذه (الطائرة) للخرطوم ليأتيكم بالأمر المبين.. فوجم القوم.. فما الفرق إذن بين (عمر) و (المتعافي) ولم ينتظر أو يتيح لهم أن يقذفوه (بجزمة) لأنه معهم بالميدان.. وعشت (يا متعافي) فقد ضربت مثلاً رائعاً.. وقد يقول قائل.. وهنا في الديمقراطية لك الحرية إن تعمل ما تشاء.. حتى ولو (واقعت) من هو مثلك (رجلاً) أو أن يصدر قرار من الهيئة العليا الديمقراطية بأن يسمح (للمتزاوجين) وهما (رجلان) أن يسمح لهما بالإيجار والسكنى بالطوابق والشقق عبر الأسر الآمنة.. ذلك إن رفض أصحاب (العمائر).. أو أن تقول الحرية- بيننا اليوم.. وخلال حُميا الانتخابات تقول الديمقراطية على لسان أحدهم.. ينبغي أن يقام (الجلد) أو (الحد) على من منع الصناعات البائرة والصانعات.. وليس على من صنعها أو تعاطاها وهذا يعني العودة بنا لما كنا عليه يوماً من السوء والفحشاء.. وأنتم في أمثالكم تقولون (من جرب المجرب حاقت بيهو الندامة) ولكن علموا أولادكم النباهة ومكارم الأخلاق حتى اذا سُئل أحدهم- كما سألت أنا يوماً.. فتىً من بين إخوته.. ما معنى (البار!!) فأطرق ثم قال (البار هو الابن الذي يبر والده) لأنه لم يعايش كلمة ومعنى (بار) الماجنة.. كموقع للخمور وشربها.. وحدث أنت في كل ضروب الأنشطة وحوائج البشر ستجد معنىً تعبدياً وحكماً هادفاً.. وتواجهاً يقظاً للحاكم وللمحكوم إن ربطت القوم (بالشورى) وبحكم الشرع.. لأن القرآن يقول: (.. رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين) ويقول أيضاً (.. وآتيناه حكماً وعلماً) إذن فليبدأ السباق بالمعاني الراسيات.. ولا يستوي الذين يعلمون والذي لا يعلمون.. ولا تظهر أو تتبدى الفوارق إلا بالمقارنة والمثال وخدمة البشر.. واليقظة ومراقبة الأفق.. وأرجو أن نرزق كلنا حكمة قوله تعالى: (.. ولا تبخسوا الناس أشياءهم) فلينظر الناس لرأس دولة السودان القادم.. ولا يراؤن أو يجاملون في ذلك.. ثم فلينظروا للمنابر التشريعية فلا يكون بها إلا القوي الأمين النابه.. أما رؤوس الولايات فلا يكونون إلا ممن أقام الصلاة وآتى الزكاة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر.. وعمل بشورى الهياكل والأجهزة.. أما إن تراءى القوم ليحكموا الهوى ويفتحوا الطرق الماكرة.. فالله أكبر.. الله أكبر.. والعزة لله ولرسوله وللمؤمنين.. وبضدها تتميز الأشياء..