كيف أعد السودان الحديث : حياة ومراسلات السير دوغلاس نيوبولد ? عضو الجهاز الإداري السياسي السوداني تحرير ك.د.د. هندرسون (مدير مديرية دارفور) تقديم مارجري برهام ترجمة الأستاذ محمود صالح عثمان صالح ? من منشورات مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي (2009م) 2ج الجزء الأول : 332ص صدر الكتاب في طبعته الأولى باللغة الإنجليزية تحت عنوان "The making of the modern Sudan. وقد صدر في عام 1953م من ضمن سلسلة "شؤون المستعمرات ودراسات مقارنة" والتي تحررها السيدة مارجري برهام. وقد صدرت منها حوالي عشر دراسات خلال الأعوام 1946- 1953م. وقد شملت تلك الدراسات مؤلف البروفسور مكي شبيكة "مسألة السودان" الذي صدر عام 1952م. (باللغة الإنجليزية) وصاحب الكتاب السير دوغلاس نيوبولد كان أحد أعمدة الإدارة البريطانية بالسودان الذي بدأ حياته العملية في وظيفة مساعد مفتش عقب تخرجه من جامعة أكسفورد في عام 1920م وختمها بوفاته في عام 1945م عند كان يحتل وظيفة السكرتير الإداري وهي وظيفة بمثابة وظيفة رئيس مجلس الوزراء في أيامنا هذه. خلال هذه الرحلة الممتدة طوال ربع قرن من الزمان بربوع وبوادي وجبال وغابات السودان التي عمل بها نيوبولد كتب وتلقى المئات أن لم تقل الألوف من الخطابات الشخصية. تلك الرسائل التي شكلت لحمة وسداية هذا الكتاب. والتي عكف عليها المستر هندرسون مدير مديرية دارفور ومساعد نيوبولد بمكتب السكرتير الإداري وتولى الوظيفة بعد وفاته المفاجئة وكان صديقاً حميماً لنيوبولد. مقدمة الكتاب الضافية تشير إلى أن هذا الكتاب يصلح لأن يكون مرجعاً لدراسات الباحثين السودانيين ومؤرخي المستقبل وبالفعل فأن الكتاب يصلح تماماً للمؤرخين لتتبع مسار الحياة الإدارية والاجتماعية والسياسية ، التي كان يعمل بها ويخطط لها البريطانيون في السودان. الكتاب لا يعتمد على أي وثائق رسمية تقدم وجهات نظر أو تؤكد على حقائق أو تنفي وقائع ، فالأمر كله يتعلق بالمراسلات (الخطابات) التي كتبها نيوبولد والتي تلقاها من مجموعة معارفه وأصدقائه وأسرته فقد شكلت تلك الخطابات العمود الفقري للكتاب. وكانت رسائل والدته وأخوانه وأصدقائه ومرؤسيه ورؤسائه هي محور الكتاب بجزيئه الأول والثاني. فقد ضمن المؤلف (نيوبولد) تلك الخطابات أرائه السياسية وأهدافه في الحياة العامة والخاصة ونظرته في أحوال السودان المختلفة ، وفي أحوال الدول والبلاد العربية والأفريقية ورأية في الحرب والسلام والسياسة والاقتصاد فقد أوضحت تلك الخطابات المقدرة الفائقة والموهبة التي يتمتع بها نويوبولد في كتابة تلك الخطابات المطولة والتي كانت تجمع ما بين العلاقات الشخصية الحميمة والعرض الجيد والمستنير لقضايا الساعة وطرحه للأسئلة وإدارته لمناقشات في موضوعات شتى ومع عدد من الأشخاص في وقت واحد وعلى فترات متفاوتة . فقد كان الرجل يمتلك ذاكرة غير عادية وصبر وجلد لكتابة تلك الرسائل والتي كانت جميعها بخط يده (ما عدا تلك التقارير والرسائل الرسمية) ونموذج الرسائل المصورة توضح جمال خطة ووضوحه رغم أنه كان يكتب في بعض الأحيان وفي جلسة واحدة ما يزيد من العشرين رسالة. كان يقرأ في الجلسة الواحدة أيضاً ما يزيد عن هذا العدد بجانب عمله الروتيني في قمة إدارة حكومة السودان الذي يتطلب منه قراءة العشرات من الملفات والرسائل. وقصارى القول أن السير دوغلاس نيوبولد يبقى واحداً من أهم الإداريين البريطانيين الذين تركوا أثراً لا ينسى في تاريخ السودان الحديث.