تم نفله من الخرطوم في مطلع عام 1925م إلى مركز جنوبكسلا بالقضارف ، وقد كتب في إحدى رسائله لوالدته واصفاً موقفه. بأنها منطقة واسعة ومركز تجاري وتكاد تكون أكبر مركز في شمال السودان وأشبه لشمال كردفان بالنسبة للإدارة حيث يعمل تحت إدارتي مفتشو مراكز وقد بث في هذا الخطاب شكواه المرة من الطقس الشديد الحرارة حيث تبلغ مائة وعشرة درجة حتى يقول بأنه يحس أنه في الجحيم وأنه سيصاب بالجنون لا شك. من الأشياء التي يجب الإشارة إليها إنصاف نيوبولد للقادة والأبطال فقد كتب لاحقاً عن اعتقال وقتل الطيار للبطل المشهور -عمر المختار بقوله أنا مسرور أن التايمز (الصحيفة البريطانية المعروفة) ودعته بمقالة افتتاحية -كان محارباً شجاعاً وأبلى بلاءً حسناً مثل عثمان دقنة ...كما أنه يدين الطليان عقب احتلالهم الكفرة وملاحقة(الزوايا) البائسين - حسب قوله -تبدو كأنها عملية سفك دماء لا مبرر لها. قال في إحدى رسائله ... كان الهدندوة محاربين مشهورين ولكنهم برهنوا على عدم كفاية كزراع وكان يعيش بينهم في دلتا طوكر بعض المستوطنين من القبائل النيلية لهم خبرة زراعية تمتد لقرون سابقة ، كما كانت هناك بالقرب من كسلا مستوطنة لنازحين من غرب أفريقيا وربما كان أولئك أفضل زراع أفريقيا ربما يقصد الفلاتة، وقد شبهها بمشكلة فلسطين ووصفها بأنها معضلة لم يوجد لها حل سلمي للآن (1930م) ويذكر أنه جابه نفس المشكلة في جبال النوبة(جنوب كردفان) ومشاريع القطن بالجزيرة والنيل الأبيض. وبذل نيوبولد جهوداً جبارة بالارتقاء بمناطق الشرق وخاصة قبائل البجة وقد منح فيما بعد وسام الإمبراطورية البريطانية(من أرفع الأوسمة البريطانية في ذلك الوقت) وذلك تقديراً لأعماله ومكأفاة له لخدماته للهدندوة كما ذكر ذلك في خطاب لأحد أصدقائه. وعندما غادر نيوبولد كسلا مترقياً لمديرية كردفان أقيمت له عدد من حفلات الوداع عبر فيها عن حزنه لمفارقة مناطق البجة، وقد بادله شيوخ تلك القبائل وزعماؤها بالرسائل فقد وجدت ضمن أوراقه بعد مماته خطابات من بعض عمد ومشائخ الهدندوة ، وعندما وصل خبر وفاته في مارس 1945م إلى زعماء الهدندوة وكانوا بمدينة سنكات بحزن عميق حيث كانوا يعتبرونه أحدهم بشكل خاص، وقد أقامت الإدارة البريطانية نصباً تذكارياً ..... على المدينة في الجبال بالقرب من منزل المفتش الذي كان يقيم فيه وقد نقشت على قاعدة النصب الكلمات التالية لقد أحب هذه الجبال وأحب أهلها. نقل من كسلا إلى مديرية كردفان مديراً وعمل بها خلال الفترة (1932- 1935م) وكان وقتها يبلغ من العمر ثمانية وثلاثين عاماً ولكنه يملك من الخبرة والتجارب والمعرفة ما يفوق عمره كثيراً. فقد كان يشرف على عدد من مفتشي المراكز ويحكم منطقة أكبر من مساحة مقاطعة اسكتلندة. وسرعان ما بنى علاقات وطيدة مع زعماء القبائل ومشائخهم حيث التقى بصديقه القديم السير علي التوم ناظر الكبابيش وقد كتب في خطاباته لوالدته وأصدقائه كثيراً عن لقاءاته مع التوم بمعسكره.في حمرة الشيخ واصفاً الاستقبالات والضيافة التي كان يقابل بها دائماً والأوقات الممتعة مع شيوخ الكبابيش. وأشار أيضاً في أحد تلك الخطابات إلى لقائه مع أول ناظر لمدرسة أولية بدار الكبابيش(الأستاذ حسن نجيلة)وأن لم يشر إلى اسمه كما أولى مناطق جنوب كردفان- جبال النوبة- اهتماماً خاصاً وكان يحرص على حضور احتفالاتهم القبلية وتحدث عن الكجور والسحرة بالجبال الشرقية ، ولم ينس اهتمامه بعلم الآثار والاستكشاف بالتلال والجبال والكهوف التي ينقب فيها عن آثار الإنسان الأول ..ويصف النوبة في إحدى خطاباته لوالدته ويقول عنهم ... أنهم قوم مرحون سود اللون ولكنهم ليسوا زنوجاً ووجوههم تدل على الذكاء وأجسامهم قوية ويجيدون الدعابة وودودون وفي غالب الأحيان لا يرتدون ملابس.. وأطفالهم جذابون... وقد أهتم نيوبولد بمناطق الجبال وتحسين أوضاعها بتحسين وتأسيس زراعة القطن بالجبال وبعض المحصولات النقدية مثل الفول السوداني والسمسم والصمغ العربي.