القصة التي أمامكم ليست غريبة أو مدهشة. في صياغها العام قد تبدو شخصية ولكنها (مولود) شرعي لعالم الانفتاح الجديد الذي اسمه السوق الحر و(دنيا) (المرابحات) و«الشيكات» والاستيراد والاسواق وحلم اقتناء البيوت والسيارات بأي شكل وبأية طريقة. جاءني في المكتب استاذ جامعي محترم وبدأ يسرد قصته التي اكرر انها(شخصية) في واقعها وفي عموميتها لاتخرج عن المناخ السائد في البلد اليوم! قال لي إشتريت سيارة بمرابحة من بنك.. لأقوم بتسديدها على مدى خمس سنوات، للعربة ضمانات في حدود 50 ألف كلم أو عامين على الأرجح. منذ الشهر الأول لاحظت أن صناعة العربة غير جيدة - كركبة وخلل في المساعد - أما الطامة الكبرى فقد كانت في صرف الوقود إذ أنها تحتاج الى طلمبة بنزين في اليوم.. نقلت هذه الحقائق لمدير الشركة وطالبني بالذهاب لمراكز الصيانة - على مدى 7 أشهر عجز المركز عن اصلاح عيوب العربة. تحايلت إدارة البنك وحولوني لخبير (أجنبي) قلت له أنا لن أسدد الأقساط فأنا لا أملك العربة فهي قابعة بالمنزل.. أخيراً طلبت مني إدارة البنك إحضار العربة لمركز الصيانة - ولكن الوضع ساء فوجئت باتصال بعد يوم يطالبني باستلام العربة ووجدت أنهم قاموا باستبدال المساعد وضحكت فعلة العربة في صرف الوقود وفي عيوب صناعية أخرى.. رفضت استلام العربة وعاودت الاتصال بمدير الشركة والذي أكد أنه يسعى لحل المشكلة وذلك بعرض العربة للبيع وعليّ أن أتحمل تبعات ذلك ووافقت على ذلك ولكن الزبائن فروا بعد أن عرفوا عيوب العربة. لاحظت أن همهم الأول هو تسديد الأقساط بغض النظر إن كانت العربة طرفهم أم لا، عليّ أن أسدد وأن أركب «السراب» لا يهم المهم عندهم «الجباية» نحن نشقى ونتعب ونسدد الأقساط من عمرنا الوظيفي الحياتي وهم لا يهتمون. وتمضي قضية الاستاذ الجامعي بلا نهاية وربما أن هناك روايات وجوانب أخرى لدى الأطراف الأخرى نحن لا نعلمها. ولكننا نقول ما هي ضمانات الجودة والمواصفات في مثل هذه المعاملات ومن يحمي المواطن في حالة حدوث مثل هذه الحالات.. أتمنى شاكراً أن تجد مشكلة هذا الاستاذ الجامعي الذي طلب مني نشر اسمه وقصته كاملة ولكن أثرت الاحتفاظ بالاسماء على أمل أن تحل هذه القضية والتي هي للأسف قضية بلد بحاله فمنذ أن قامت هذه الحكومة «بحل النقل الميكانيكي» وتشريد كفاءاته وخبراته لم تقم «للعربات» قائمة في هذا البلد.. فكل من هب ودب يستورد (قمامات) الدنيا ويكبها في مكب السيارات العام في الخرطوم واين هذه الشركة وهذا البنك من شركة تايوتا التي تقوم هذه الأيام بسحب سياراتها من كل الدنيا بسبب عيب صغير خلقي مقارنة بالعيوب والذنوب الكبيرة التي تهدر بمحركاتها في شوارع الخرطوم. وفي الختام أنا احتفظ باسم ماركة السيارة. وشكوى الاستاذ الجامعي واسم البنك ولكن الى حين.