المؤمن تاجر: في برنامج إذاعي تبثه إذاعة أم درمان، ويشرف عليه مجمع كنائس السودان.. دار حوار بين المذيع ناصر زكي وأحد الشباب الذي يعمل تاجراً واسمه مينا القمص.. وقال مينا إن كلمة تاجر تتركب من أربعة حروف، ولكل حرف معنى معين.. وتبدأ الكلمة بحرف التاء وهذا يعني التقوى، لأن التقوى هي زاد التاجر.. والتاجر التقي يتقي الله في تجارته.. أما الألف فتعني الأمانة، والتاجر يتوخى الأمانة ويقصد أن يكون أميناً في كل شيء لكي تنجح تجارته.. أما حرف الجيم فيعني الجرأة والشجاعة ويفوز بالربح كل جريء مقدام.. أما حرف الراء فيعني الرحمة، حيث يمتليء قلب التاجر بالرحمة والرأفة بالمواطن وتحديد نسبة ربح بسيطة مقبولة للتاجر ولمن يتعامل مع التاجر. وأريد أن أقول إن المؤمن تاجر ناجح، والتجارة الناجحة تلتزم بالمباديء الفاضلة.. ويقول الكتاب المقدس إن التقوى مع القناعة تجارة عظيمة ويؤكد هذا بأننا لم ندخل العالم بشيء وواضح أننا لا نقدر أن نخرج منه بشيء، فإن كان لنا قوت وكسوة فلنكتفِ بهما.. ويستمر حديث بولس الرسول طالباً من الإنسان أن يتجنب الوقوع في فخ الغنى دون الالتزام بالقناعة.. ويقول إن محبة المال أصل لكل الشرور الذي اذا ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة.. وواضح أن المسيحية ليست ضد المال إنما ضد محبة المال التي تجعل الإنسان يسعى نحو المال ويفقد القيم الروحية.. لأن الكتاب المقدس يشبه ملكوت السموات بإنسان تاجر.. أيضاً يشبه ملكوت السموات أن تاجراً يطلب لآليء حسنة، فلما وجد لؤلؤة واحدة كثيرة الثمن مضى وباع كل ما كان له واشتراها.. والمؤمن تاجر في كل يوم تنمو فضائله.. لأن الفضائل هي رأس مال المؤمن.. وقد شبهت المرأة الفاضلة بأنها كسفن التاجر تجلب طعامها من بعيد. تاجروا حتى آتي: وطالب المسيح كل الناس أن يتاجروا حتى يأتي في مجيئه الثاني ومن ربحت تجارته يكون الملكوت له نصيباً.. ومن خابت تجارته ليس له نصيب في المكلوت.. وقال السيد المسيح: إنسان شريف الجنس ذهب الى كورة بعيدة ليأخذ لنفسه ملكاً ويرجع، فدعا عشرة عبيد له وأعطاهم عشرة أمناء.. والمنا عملة تصل الى ستمائة جرام من الذهب.. وقال لهم: تاجروا حتى آتي.. ومضى هذا السيد.. وعند عودته تم استدعاء العبيد الذين أعطاهم الأمناء ليعرف بما تاجر كل واحد، فجاء الأول قائلاً: يا سيد مناك ربح عشرة أمناء.. فقال له: نعما أيها العبد الصالح، لأنك كنت أميناً في القليل.. فليكن لك سلطان على عشر مدن.. ثم جاء الثاني قائلاً يا سيد مناك عمل خمسة أمناء.. فقال لهذا أيضاً وكنت أنت على خمس مدن.. ثم جاء آخر قائلاً يا سيد هوذا مناك الذي كان عندي موضوعاً في منديل لأني كنت أخاف منك، إذ أنت إنسان صارم تأخذ ما لم تضع.. وتحصد ما لم تزرع.. فقال له من فمك أدينك أيها العبد الشرير، عرفت أني إنسان صارم آخذ ما لم أضع وأحصد ما لم أزرع فلماذا لم تضع فضتي عند صيارفة فكنت عندما أجيء آخذها مع فوائدها؟ ثم قال للحاضرين خذوا منه المنا وأعطوه للذي عنده العشرة أمناء.. لأني أقول لكم إن كل من له يعطى، ومن ليس له.. فالذي عنده يؤخذ منه «لوقا 19».. إن الله أعطانا الإمكانات والمواهب والقدرات لكي تزداد وتتضاعف ونحن مسؤولون عن استثمار كل ما لدينا لكي يزيد ولقد عوقب الذي وضع القطعة المالية في منديل كالذي يطمر المال تحت البلاطة كما يقولون، ولا يشارك في الاستثمار ولا يثق في نوايا بنوك الاستثمار ولا يساعد الملك الرئيس في الاهتمام بالمملكة ولا يهتم بمصالح الآخرين.. والدعوة لنا أن نتاجر في الفضائل حتى النفس الأخير ونساهم في تنمية مقدراتنا ومواهبنا وأموالنا، لأن الناجح هنا هو فقط الذي يؤهل لملكوت الله ويستمر في التجارة والاستثمار حتى مجيء الساعة.