نحن ناس أدبيين!! ولسنا علميين!! وكذلك ناس عاديين من طرف الشارع العام، ومع ذلك لبسنا قبعة العلم و«العلمية» في هذه المساحة، وكتبنا قبل كثيراً عن ألعاب الحبيبات البلاستيكية، التي انتشرت في محلات بيع اللعب للأطفال ومحلات الزينة، وأصدرنا فتوى علمية من عندنا بحظر تداول هذا النبت البلاستيكي الذي انتشر بين صغارنا!! وقلنا انه يشكل خطورة بالغة لانه يحتوي على مواد «كيمكالس». وطالبنا الجهات المختصة بأن تدلي بدلوها، وأن تقوم بفحص هذه «الحبيبات»، وإخضاعها لعين «المعمل»، والإجابة على السؤال العادي الذي يطرحه الشارع العادي: هل هذه «الحبيبات» مضرة بالصحة أم لا؟. وأخيراً حسمت المواصفات الجدل الدائر وأكدت أنها أخضعت هذه الحبيبات لتحاليل كيميائية، أثبتت أن هذه «المصيبة» التي يتداولها الصغار في شكل ألعاب تشكل مخاطر صحية وبييئة عديدة. وحسناً فعلت الهيئة، وهي تحظر استيرادها، وتنبه على الأسر الكريمة بأن تحمي أطفالها من هذه المخاطر، بالامتناع عن شرائها، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، والمواصفات تدعو التجار بتسليم ما معهم من حبيبات للجهات المختصة من الذي سمح باستيراد هذه المادة؟ وماهي «المواصفة» التي بموجبها دخلت؟ ومن المسؤول الأول والأخير عن هذه المخاطر الصحية، والبيئية، وعن هذه الخسائر المادية الفادحة، التي وقع فيها أمثال هؤلاء التجار، الذين هم أصلاً لا يتحملون مسؤولية القرار بالسماح من عدمه!! لانهم ببساطة يجهلون مخاطرها الصحية ويتعاملون معها مثلها ومثل اي لعبة، لعبة «فار» او «أرنب» او «ديك» او «غنماية». المهم لعبة. قد يقول قائل إن المسألة ليست بهذه الصورة المثالية فليس كل البضاعة تمر عبر المنافذ الرسمية كالمطارات والموانيء والمنافذ الحدودية البرية المعروفة فهناك بضاعة كثيرة و«فاسدة» ومضرة بالصحة وتملأ الاسواق اشكال وانواع وتوجع «البطون» وتزكم الانوف كذلك ونقول هذا صحيح ولكن اين الرقابة على الاسواق والتفتيش الدوري واليومي على« الارفف» و«المخازن»، ومن ثم إقرار القوانين الرادعة ومحاربة «الفاسدين» و«المرتشين» و«المستهترين» بحياة وصحة المواطن. تكلمنا كثيراً في هذه المساحة وقلنا ان سياسة التحرير لا نعني السماح لكل من هب ودب باستخدام ارض السودان «الطاهرة» مقلب قمامة لكل السلع والبضائع الفاسدة والمنتهية الصلاحية والمضرة لصحة الابدان والنفوس. ان ترك الامر بهذه الصورة يجعل المرء يشعر بقدر كبير من الاسى والغضب وكذلك الحزن!! وما أمر «الحزن».