تحت هذا العنوان عقد المركز العالمي للدراسات الأفريقية ندوة غير مسبوقة- بل سباقة للتصدي لهذا الموقف تحت قيادة ربانه الماهر أستاذ الأجيال- عبد الله زكريا - وهو من هو في علو حسه السياسي وتنبوئه بكثير من الأحداث والتوقعات، وقد ساهم في هذه الندوة عدد من العلماء والخبراء الاستراتيجيين وعلى رأسهم الدكتور محمد محجوب هارون، والدكتور صفوت صبحي فانوس والدكتور مصعب عبد القادر وكاتب هذه السطور والزميل الخبير الأمني والاستراتيجي العميد حسن بيومي وأستاذنا السفير والوزير محمد الحسن أحمد الحاج وسعادة الوزير السابق والسياسي الحصيف اللواء فضل الله برمة ناصر نائب رئيس حزب الأمة القومي، وأحد رموز العمل الوطني والاستراتيجي كما شملت المداخلات تنبيهات هامة من عدد من المفكرين والمشتغلين بالشأن العام والأمني.. والذين يأملون في انتخابات نظيفة نزيهة خالية من العنف والتفلت وقبل هذا من الفساد والإفساد.وقد تناول المتحدثون تجارب السودان الماضية وأنها كانت مشرفة وخلواً من الفساد.. وأنها كانت نموذجاً منذ عهدها وتجربتها الأولى في انتخابات 1954م التي أفرزت البرلمان الأول والتي كان قصب السبق فيها للحزب الوطني الاتحادي بزعامة الرئيس إسماعيل الأزهري.. تلاه حزب الأمة بزعامة الإمام عبد الرحمن المهدي.. وقد أفرزت تلك الانتخابات حكومة راسخة بأغلبية مريحة، ومعارضة قوية برصيد هائل من النواب ملأوا قبة البرلمان فكانت حكومة مقدرة ومعارضة مقدرة تلاقت أيديهما فيما بعد- وتحت ظل ذلك البرلمان- نحو الهدف الواحد حرية واستقلال السودان في1/1/1956م والذي أُعلن من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955م ثم تلاقت الأكف القوية المخلصة النزيهة لترفع علم الاستقلال ثلاثي الألوان، بيد الزعيمين الممثلين للحزبين الكبيرين الزعيم الأزهري عن الحزب الوطني الاتحادي «الحكومة» والزعيم الشاعر المهندس الأديب القانوني المحجوب عن حزب الأمة «المعارضة».وفي هذا السياق ساق المشاركون من الخبراء التجارب المعاصرة للانتخابات التي جرت أخيراً في عدد من الدول الصديقة والشقيقة وساقوا على ذلك مثلاً العنف الذي صاحب الانتخابات في عدد من الدول مثل الجزائر - ما حدث بين من كتب لهم قصب السبق وجبهة التحرير- والعنف الذي صاحب الانتخابات الأخيرة في إيران والعنف الذي ساد الانتخابات منذ أمد قصير في زمبابوي وكينيا بحيث يثور الشك أن العنف أصبح ظاهرة مصاحبة للانتخابات في بعض البلدان.. مما يجعلنا نضع محاذير كثيرة لمؤثرات ومؤشرات «خارجية» وداخلية هنا وهناك.. على النحو الذي سوف يلي في حديثنا عن العنف والانتخابات.