الموضوع الأوّل: الملحمة قطعاً قد فهم الجميع أن الملحمة هي المباراة القويّة التي ستُجرى مساء اليوم بإستاد المريخ في أمدرمان بيْن فريقي مصر والجزائر، والتي تعني أنّها مباراة العبور لمونديال جنوب أفريقيا. قطعاً قد فهم الجميع أنّنا مع مصر قلباً وقالباً، نؤيِّد فرقتها الضاربة ونشجِّع فرسانها الأشاوس في ميادين كرة القدم، لأن مصر منّا ونحن منها، بعكس ما يحاول أن يرّوج له أصحاب الأغراض السياسيّة، فالعلاقة بيْن شعبي وادي النيل فوق الأغراض والأمراض، وفوق الحكومات، هي علاقة توأمة وإخاء ومودّة ورحمة، بنى جسدها طميُ النيل المتجدِّد وغذّت دمها مياهه المتدفِّقة. نحن مع مصر دون أي شك مع كامل احترامنا لأشقائنا في الجزائر الذين نكنُّ لهم الود، وإن لم يكن بيننا وبينهم ذاك الرباط الشعبي المتّصل مثل الذي بينهم وبين تونس التي اختاروها لتكون ميداناً للمباراة الفاصلة، أو ذلك الرباط الشعبي القوي مثل الذي بيننا وبين أشقائنا في مصر .. مرحباً بإخوتنا الجزائريين ضيوفاً وأشقاء أعزّاء، لكنّ مصر والسودان (حتّة واحدة) وإن أراد البعض لها أن تكون (ألف حتة)، أو كما جاء في نكتة قديمة، أشك في أن الذي صنعها كان هو المستعمر الانجليزي الذي أخضعنا لحُكمه في السودان ومصر معاً. الموضوع الثاني: «فتحي شيلا» أرجو أن يسمح لي القارئ الكريم أن أشيد بالأستاذ فتحي شيلا، الاتحادي الأصيل، الذي انتقل بثقله ووزنه وعمله وكسبه الكبير وتاريخه المضيء إلى المؤتمر الوطني، الذي فتح له أبوابه مشرعةً وأفسح له مكاناً في كابينة القيادة ليكون أميناً لأمانة الإعلام وناطقاً رسميّاً باسم المؤتمر الوطني. إشادتنا بالأستاذ فتحي شيلا تجيء ليس لمعرفتنا (القديمة) به، بل لمعرفتنا (الجديدة) به بعد أن أصبح أميناً لإعلام المؤتمر الوطني، وقد فاق الكثيرين ممّن سبقوه في هذا الموقع، إذ ظل هاتفه مفتوحاً طوال الوقت، وظل هو نفسه منفتحاً على الآخرين وعلى أهله في قبيلة الإعلام المقروء والمسموع والمرئي، ولا أنسى له مطلقاً أنّني كنت قبل أيّام في قاهرة المعز وطلبتني إحدي القنوات الفضائيّة - ومقرُّها لندن - للتحدث إليها وإلى مشاهديها، فرأيت أن أستعين ببعض المعلومات المهمّة، وأجريت على الفور اتصالاً بالأستاذ فتحي شيلا، الذي ردّ علىَّ بأسرع ممّا توقّعت ومدّني بمعلومات أكثر ممّا طلبت. وبالأمس اتصل بي الأستاذ شيلا - بنفسه - ونقل لي نبأ مغادرة وفد من المؤتمر الوطني، يقوده الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل، إلى الولاية الشماليّة، ويضم عدداً من المسؤولين، من بينهم السيِّد وزير التعليم العام، وآخرون، وأخبرني بأنّني مدعو للمشاركة في تلك الرحلة إن استطعت، وإلا فإن الأمر متروك لي لترشيح من أرى لمرافقة الوفد الرفيع .. وأخبرني بالزمان والمكان .. وقد أعجبني هذا السلوك الراقي المتحضِّر لشخصيّة قياديّة وسياسيّة مؤثِّرة، وتمنيتُ لو أن أمناء أمانة الإعلام السابقين أصبحوا مثله .. الرجل يستحق التحيّة .. والمؤتمر الوطني يستحق التهنئة على هذا الاختيار المُوفّق .. فالرجلُ هو رجلُ المرحلة المناسب.. الموضوع الثالث: لا للعنف المتوقّع - عودةٌ للمباراة أتوقّع صدامات عنيفة بين مشجعي الفريق المصري ومشجعي الفريق الجزائري اليوم، خاصة وأنّ يوم أمس وأمس الأوّل شهدا احتكاكات مباشرة، وشاهد الشارع السوداني سلوكاً جديداً عليه بأن قام بعض مشجِّعي الفريق الجزائري بتوزيع أعلام بلادهم وبعض المال على عدد من المواطنين، وسار بعضهم في مسيرات مستفزِّة في شارع الحريّة، إضافة الى اشتباك حدث يوم أمس في معرض الزهور بقاعة الصداقة بين الطرفيْن، بل إن الجزائريين أوشكوا أن يعتدوا على النجم المصري أحمد بدير الذي يزور السودان هذه الأيّام لولا تدخُّل العقلاء وحكمة الأمن السوداني .. ثم حدث احتكاك يوم أمس بيْن عدد من المشجِّعين الجزائريين وبين أحد أصحاب الكافتيريات في شارع العرضة بأمدرمان، لا لسبب سوى أنْه قال لهم إنّه يشجِّع مصر. نحن نرفض سلوك الفوضى وأساليب العنف، ونطالب بأن يتحلّى الجميع بالروح الرياضيّة التي هي الهدف الرئيسي في مباريات كرة القدم .. ونطالب السلطات بالتشدُّد في التعامل مع المتسبِّبين في الفوضى أو الذين يتحرّشون بالآخرين بسبب التشنُّج الأعمى والتعصُّب الذي يؤدِّي إلى التهلكة.