1. يلزم توفر الميل الحقيقي لديه نحو مهنة التحقيق، ولا شك أن اتفاق الميول المهنية من الأمور التي تساعد على النجاح والتفوق في جميع المهن، ولذلك لابد وأن يتوفر في المحقق الجنائي قدر من الميل الإيجابي نحو عملية التحقيق وأن يجد رغبة ومتعة في ممارستها، فحب الإنسان لعمله أحد أهم دواعي النجاح والتفوق. 2. يتعين أن يكون المحقق الجنائي قوي الملاحظة، سريع الإدراك والفهم، وأن تتصف ملاحظته بالدقة والموضوعية والشمول لكافة العناصر المكونة للموقف، ويساعده ذلك على النظر للأحداث نظرة كلية إجمالية واعية. 3. يتعين توفر قدر كبير من المعلومات العامة، والإحاطة بظروف المجتمع الراهنة وقيمه الثقافية وأنماط السلوك السائدة في المجتمع، وما يتوفر فيه من القيم والمثل والمعايير والمباديء والعادات والتقاليد والأعراف، وأن يكون على دراية بالأحداث الجارية وموضوعات الساعة، ومن ذلك الإلمام العام بمباديء بعض المهن الأخرى وأساليب العمل بصورة عامة في المصانع والشركات والوحدات الإنتاجية والمؤسسات الاجتماعية والخدمية. 4. القدرة على الإدارك الحسي وهو عبارة عن الإحساس بموضوعات وأحداث العالم الخارجي، مضافاً إلى ذلك معنى الشيء المدرك أو مغزاه أو مدلوله أو وظيفته، وبالطبع يتأثر إدراك الإنسان بذكائه وميوله وتوقعاته واتجاهاته وثقافته وحالته الصحية الجسمية والعقلية والنفسية. وما يتمتع به من الثبات الإنفعالي والاستقرار النفسي وعدم التعرض للحالات الحادة من الانفعالات، كما يتأثر بحالة الجسم من حيث الجوع أو العطش أو الألم أو المرض. 5. النشاط والحيوية والمبادأة وسرعة الحركة، من ذلك قيام المحقق باتخاذ إجراءات التحقيق والمعاينات بأسرع ما يمكن، وذلك لأن الجرائم تزول معالمها بمضي الوقت وقد يتطلب ذلك سرعة الانتقال إلى مكان الجريمة وإجراء المعاينة البكر قبل أن تمتد اليها يد الصنعة أو التسويف واختلاف الأقوال وإزالة آثار الجريمة، فضلاً عن إمكان هروب المجرمين، أو تدبير أقوال وأفعال لدفع التهمة عن فاعلها، وقد يتطلب ذلك الانتقال والشروع في التحقيق في منتصف الليل وفي أجواء صعبة من البرد القارس أو هطول الأمطار أو الظلام أو صعوبة المواصلات قبل أن يتمكن الجناة من إخفاء الأدوات المستخدمة في الجريمة، أو إخفاء المسروقات، وقبل طمس معالم الجريمة واتفاق الشهود على تلفيق شهاداتهم ودخول يد الصنعة إلى القضية. 6. من السمات الجوهرية للمحقق الجنائي التمسك بالعدل والمساواة، ذلك لأن الأصل في الإنسان هو البراءة وكما يقال إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ومن هنا يترك المحقق الأمر والقرار إلى الأدلة وحدها لتقول كلمتها وتعبر عن المجرم وعن البريء فلا يحيد عن طريق العدالة ولا ينبغي أن يعتقد في إدانة شخص ما، ثم يأخذ في جمع الأدلة والشواهد ضده، وعلى المحقق أن يدون كل ما يصل إلى علمه من حقائق وبذلك لا ينفصل إثبات إشارات تدل على براءة أو يغفل تدوين كذا أو بطلان دليل قدم إليه أو خلق أدلة ضد المتهم بأية وسيلة حتى لا تثار شكوك القضاء في مجرى التحقيق، وحتى لا يحيد عن مجرى العدالة التي يتوخاها.، ويلاحظ في بعض أقسام الشرطة خوف المحقق مسؤولية إثبات وقوع كثير من الجرائم بدائرة قسمه حتى لا تتأثر فرصته في الترقية أو يتم نقله إلى قسم أو إلى عمل آخر، ولذلك يسعى إلى تقليل تسجيل عدد الجرائم في دائرة اختصاصه، ولذلك قد يلجأ إلى تحويل الحادثة من جناية إلى جنحة أو إلى إصابة خطأ أو قيد المحضر إدارياً ثم يتم حفظه، والبعض يرفض منذ البداية قبول بلاغ الشاكي أو المُبلغ. وعلى كل حال فإن الجرائم الخطيرة كالقتل تقوم النيابة العامة في إعادة التحقيق فيها، بل إن المحكمة ذاتها قد تعيد التحقيق في الواقعة وقد تنتقل لإجراء المعاينة لمسرح الجريمة إن كان هناك محل لذلك، ويقترح البعض تقسيم رجال الشرطة الى شرطة تحقيق وأخرى يناط بها ضبط الجرائم والمجرمين ومنع الجريمة. والمحقق العادل لا يتأثر بآراء من لهم مصلحة في نفي الجريمة أو إثباتها كرؤساء العمل، حيث يعمل المتهم وخاصة في جرائم الرشوة والاختلاس والإضرار بالمال العام، لأنهم يضارون من إثبات الجريمة، وعلى المحقق ألا يتأثر بمن تصادف وجوده في قاعة التحقيق، ولذلك لا ينبغي أن يتواجد بها من لا صلة له بالجريمة، واذا سمع مثل هذه الآراء فيأخذها بكثير من الحذر والحيطة، وبالطبع لا يقبل الوساطة ولا الشفاعة مهما كان مصدرها من رجال السلطة أو من أعضاء المجالس النيابية والذين يعد تدخلهم عملاً مجرماً بالقانون، فالقانون يجرم مثل هذا التدخل وعليه أن يحسن معاملة الشهود ويعاملهم على قدم المساواة سواء أكانوا شهود نفي أو إثبات، ويحترم كرامتهم وألا يبالغ في تعطيلهم عن أعمالهم دون داعٍ، وألا يثير غضبهم أو خوفهم حتى لا يؤثر ذلك على قدرتهم على تذكر وقائع الجريمة والشعور بالأمن والأمان أثناء الإدلاء بالشهادة. 7. احترام حقوق الدفاع وعدم المساس بها ومن ذلك عدم الأخذ بالاعتراف المنتزع بالإكراه أو التعذيب النفسي أو الجسمي أو المعنوي أو التهديد بالفضيحة، أو تناول أحد أعضاء أسرة المتهم وحبسه أو تعذيبه أو إهانته. وعلى المحقق تلبية طلبات المتهم في حدود ما يسمح به القانون، ومن الأمور التي تنال نزاهة التحقيق أن يعد المحقق المتهم بالإفراج عنه إن اعترف له ببعض الوقائع ثم لا ينفذ ذلك، أو اذا أوهمه أن رفاقه في الجريمة قد اعترفوا عليه خلافاً للحقيقة والواقع، ومن ذلك أيضاً الاستعانة بشهادة اأناس محترمين من عديمي الأمانة وفاقدي الذمم، فقد يطلب المتهم معاينة مسرح الجريمة، أو تحليل فصيلة دم المجني عليه أو سماع رأي الطب الشرعي أو سماع شهادة شاهد نفي معين، أو الاطلاع على بعض الوثائق والمستندات أو السجلات أو ضمها لأوراق القضية وقد لا يستجيب المحقق لهذه الطلبات، فالإخلال بحقوق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون أو في تفسيره، أو الخطأ في الإجراءات الجنائية موجبة لقبول الطعن بالنقض في حكم المحكمة أو الخطأ في الاستدلال أو إسناد التهمة إلى المتهم أو الخطأ في التسبب وإدراك العلاقة السببية بين الفعل والنتيجة.