المعارضة هي المعارضة.. هدامة ومدمرة.. لا تجري في عروقها الدماء الوطنية الزكية.. فهي لا ترى بعيون الواقع والحقيقة الناصعة البيضاء.. حاربت نظام الإنقاذ ومازالت.. عقدين من الزمان أو يزيد.. بدأت المعارضة حربها ضد الإنقاذ في بداية عهده على أنه انقلاب عسكري فرض نظاماً شمولياً قمعياً، وأجهض الديمقراطية الهشة التي جاءت بعد نظام مايو... لكن قراءة الواقع أثبتت أن معارضة اليوم «الأحزاب التقليدية» لم تحافظ على الديمقراطية التي جاءت عن طريق العمل النقابي ولم تاتِ بكفاح الأحزاب.. ولكن الأحزاب عرفت كيف تخطط للاستيلاء على السلطة باسم الانتخابات التي شابها الكثير من الأخطاء والسلبيات في عهد الفوضى الديمقراطية.. وأجريت الانتخابات عام 1986م.. وجاءت الأحزاب مرة أخرى لسدة الحكم باسم الديمقراطية التي يعرفون مفهومها.. ديمقراطية الدوائر المضمونة. المعارضة الآن أصبحت أحد المهددات للوطن، فهي وإن كانت لا تمتلك رصيداً من القاعدة الجماهيرية وتغير الحال وفرض التقدم التكنولوجي وموجات التغيير- واقعاً- تغير بموجبه تركيبة الشخصية السودانية مزودةً بمفاهيم عصرية حديثة.. بينما المعارضة مازالت تعيش على أحلام الماضي وبأنها وارثة السلطة في سودان حديث ومتطلع لمستقبل أفضل.. بعد أن طال التغيير كل مناحي الحياة اليوم.. المعارضة لا تقبل الواقع ولا الفرضية الحسابية (1+1=2).. ومازالت تسعى لإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في ربوع السودان المترامي الأطراف. المعارضة نادت بالانتخابات وشددت على ذلك وفرضت واقعاً إعلامياً تشبّع خلاله الشارع السياسي.. المعارضة رفعت شعار التحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة.. لكنها أثبتت أنها ترفع شعارات هي ذاتها لا تؤمن بها.. فهي لا تعرف إلا كراسي الحكم وتنسى في نفس الوقت طوفان التغيير والتقدم التكنولوجي والأساليب التقنية الحديثة.. كانت المعارضة تقف في الخندق المضاد للوطن تختبئ فيه لتطلق نيرانها لإحداث الشرخ وعدم الاستقرار.. المعارضة فقدت بريقها الذي عاشت فيه قبل ستة عقود... فهي تقوقعت ولم تطور نفسها وحبست نفسها في شرنقة الأحادية وفرض الرأي الواحد.. وتعاملت مع عضويتها بدكتاتورية أفقدت الثقة بينها وبين عضويتها القديمة كما أن سلوكها لم يتح لجذب عضوية جديدة مؤهلة وتحمل آراء بناءة. المعارضة في السودان تأخذ مفهوماً آخراً، غير مفهوم المعارضة في العالم الحر الذي يؤمن بحرية الشعوب والرأي والرأي الآخر وتقبل خيار الجماهير.. المعارضة نادت بالانتخابات وفي نفس الوقت أكثرت من التصريحات بأن الانتخابات مزورة وخالية من النزاهة قبل أن تقوم وقبل أن يتقدم أي من الناخبين إلى صناديق الاقتراع.. وأجريت الانتخابات في موعدها المحدد.. وأنطلق الناخبون شيباً وشباباً، رجالاً ونساءً إلى صناديق الاقتراع، وسط مراقبة صارمة من مراقبين من الداخل والخارج.. وشهد الأجانب من المنظمات والاتحادات الخارجية والأجنبية أن ليس هنالك ما يشوب عمليات الاقتراع في كل أنحاء السودان وأصدر الجميع تقاريرهم وتصريحاتهم.. لكن من يقنع معارضتنا بالحقائق ومن يتجرأ ليقول للمعارضة أن الشمس تشرق من الشرق. عموماً مازالت المعارضة تجري وراء سراب خادع وآخر ما توصلت إليه بعد الصفعة القاسية التي تلقتها بعد صدور نتائج الانتخابات التي تعكس خيار الشعب السوداني.. وآخر وما طالعتنا به أخبار السياسة أن المعارضة تشكل جبهة واسعة لمناهضة نتائج الانتخابات يا لها من معارضة يقودها عباقرة.. ويصرخ باسمها من كانوا بالأمس يقودونها في أرض المهجر.. وخرجوا بصفرية النتائج وعادوا لأرض الوطن يمارسون نفس أسلوبهم في جو ديمقراطي وإبداً الرأي وأن لم يكن الجو ديمقراطياً... فمن أين للمعارضة ممارسة نشاطها في ظل نظام شمولي قمعي كما تقول المعارضة.. عاشت المعارضة في حلم سرمدي طيلة عقدين أو يزيد من الزمن تناهض ولم تفعل شيئاً.. وجاءت الانتخابات لتحسم كل شئ.. السودان الآن يعيش تحت شجرة وارفة ألقت بظلالها على الجميع.. حكومة شرعية منتخبة، فهل ياترى الأمر يحتاج إلى حرب من المعارضة لفترة عقدين آخرين من الزمن وهل ستولد المعارضة عباقرة مثل الذين نراهم اليوم.. لكن الواقع يقول انتهى الدرس أيتها المعارضة..