«وادي أم سدر».. نبوءة وتحققت خلال المسلسل الشهير الذي أثار ضجة في الثمانينات تنبأ كاتبها الأستاذ محمد خوجلي مصطفى إبراهيم بالجفاف والتصحر ونزوح «العرب» للمدن، كانت حلقات إذاعية تم تحويلها للعرض بالمسرح والتلفزيون. زيَّن الأستاذ محمد خوجلي الإذاعة السودانية بالعديد من الحلقات والتي بدأها منذ العام 1965م بكتابة الحوارات خلال برنامج الأسرة، وكان تدشين عمله «العمة الواقعه» خلال حفل كبيربحديقة الموردة.. كان من بين حضوره المرحوم الفكي عبد الرحمن والطاهر شبيكة رئيس لجنة النصوص وحمدي بولاد ودكتور خالد المبارك وقباني أحمد قباني وحمدنا الله عبدالقادر الذي اشتهر بالحبكة الدرامية ووصف الأستاذ محمد خوجلي ب«ملك الحوارات» والذي قال بأن القصة من إخراج أحمد قباني والموسيقى للفنان محمد وردي.. كما قام بإعداد حلقات «أنا أمك يا سند» قصة دكتور قريب محمد، وتوالت كتاباته، وكانت «الريله» و «العيب حرام» و «الجزيرة أم حصان». ومن أبرز برامجه الإذاعية «الدرب القبيل» والذي استمر لعدد من الدورات الإذاعية عمد فيه لعرض ومعالجة المشاكل اليومية بالأسلوب السوداني القديم. وعزا خوجلي شهرة وادي أم سدر والتفات الجميع لها لمطابقتها لواقع الناس في تلك الفترة وقال كتبتها سنة «1976م» عن الجفاف والتصحر والذي ظهر في «1984م».. و كتب عنها الأستاذ محمد شريف علي في مجلة الإذاعة بأنها قصة تعادل قصة الكاتب الانجليزي إليوت «الأرض اليباب». وذخيرته ممتلئة: ففي مجال الأفلام الإذاعية هناك أربعة أفلام «النفقه»، «الليلة الأخيرة»، «التخصص»، «الوصية».. وفي المسرح «وادي أم سدر» و «المحطة» من إخراج حسبو محمد عبدالله و «جاكم راجع» و«ساعة الصفر» من إخراج النجاشي صلاح الدين و «قصة على الهواء الطلق» إخراج عمر الخضر، وفي التلفزيون مسلسل «وادي أم سدر» للمخرج الشفيع إبراهيم و «نور» وفيلم «فات الأوان». وكشف عن مفاجأة جديدة، مسلسل «العودة لوادي أم سدر» وهي حلقات تلفزيونية، و عندما سألناه هل هي نبوءة أخرى بعودة العرب، أجابنا اعتقد أنهم سيعودون لمناطقهم لأنه مهما طال بهم المقام في المدينة لابد أن يأخذهم الحنين إلى الديار، وأشار للمثل السوداني القائل «العرجاء لمراحها».. وأضاف بتناوله معاناتهم في زمن الحكم المايوي وحتى فترة الانتفاضة وسيكون الجزء الثاني من نهايتها وحتى اليوم.أخذه سحر الأمكنة بعيداً وتأثرت كتاباته بها، فهو قد ولد على شاطئ النيل شمال مدينة أم درمان بمنطقة «خور عمر» حيث يعتمد معظم السكان على الزراعة.. وما بين تجواله خلال فترة عمله معلماً في مناطق الغرب والجنوب والشرق فلقد احتلت منطقة البطانة وتحديداً رفاعة مكانها في القلب وتربعت دون غيرها، وتبدى أثرها جلياً في قصته «الموت في الزمن الحي» و «الجذور التائهة» والتي تحكي عن اليتامى وكتبها بانفعال من داخل السوق الشعبي بأم درمان وهو يطالع الوجوه، وبانفعال المبدع يقول أُراعي في غالبية أعمالي أخذ المعنى الواقع وبعدها أكوِّن الشخصيات. ولأن الإبداع يأخذه بعيداً فيما يشبه التحليق يقول: عقب انتهائي من الكتابة أحس بأن ما خطته أناملي ليس من بنات أفكاري وكأنما كتبه إنسان آخر وذلك لتقمصه وتجسيده الشخصية. ولأن الرجل صوفي متشرِّب حتى النخاع بأسلوب فلسفي بديع.. أخبرنا عن علاقة الدراما والتصوف وقال نحن لا نكتب عن الواقع بل ماذا يعني، ولا نكتب عن الحياة وإنما ماذا تعني، ومن خلال ذلك نحاول تفسيرها لنعيش فيها بطريقة ترضي رب الكون ونفتح الطريق للناس ليعيشوا فيها، لذلك نكتب عن جمال الحياة الذي لا يراه كل الناس،ويرى جودة ما يكتبه الشباب ويقول يجب تشجيعهم ودعوتهم لعدم الاستعجال وأن يكتبوا بإحساسهم.. وقال لفت نظري الكاتب الأستاذ عادل محمد خير. ومن الغرائب والطرائف التي وجدها من «وادي أم سدر» قصة السيدة التي ظلت تبحث عنه عقب الحلقة، وأخبرت زوجته بأن ما حدث لابنتها هو ما تمّ عرضه فعلاً خلال المسلسل وكانت أن خرجت الفتاة بريئة من التهمة و أن انتفاخ بطنها مجرد لحمية وليست حاملاً كما أشيع وظهر للجميع. وفي ختام الحديث هنأ الشعب السوداني بفوز الرئيس البشير وحكى قصة عجيبة حدثت في التسعينات عندما كان مدير تعليم بمنطقة البطانة وحدث أن زارها البشير وكانت البيعة، وصادف رفض إحدى المعلمات، و عندما سألتها لماذا لم تبايعي، أجابت لا أدري، وحضرت صبيحة اليوم التالي تحمل مصحفاً وقالت لي رأيت رؤية منامية: أتاني شخص وسألني لماذا لم تبايعي؟! فسكت ولم أرد، وقال لها ارجعي لسورة الفتح الآية «10» وكانت «إن الذين يبايعونك إنما ....» إلى آخر الآية، وهي قصة لم أبح بها إلا الآن وبعدها تأكد لي أن الرئيس مؤيد تأييداً رباني.