ومحجوب الشريف.. وعبر حنجرة وردي الذهبية.. ما فتئ يردد.. بل يرتل في صدق وجسارة.. وحق وحقيقة.. مخاطباً الشعب السوداني الفاهم المدهش النبيل.. سيد نفسك مين أسيادك.. نعم.. إن الشعب هو سيد وحاكم الحكام.. وسيد القوم خادمهم.. وفي الديمقراطيات الزاهية.. طلبات الشعب.. أوامر.. وها نحن نتطلع.. إلى ميلاد الوزارة الجديدة.. كلنا.. أرق.. كلنا قلق.. كلنا خوف أن تطل علينا.. نفس الوجوه .. التي حفظنا مفرداتها.. وألفاظها.. وألفنا وعرفنا أفقها وتفكيرها.. وعرفنا أيضاً.. عدد «جلاليبها».. و«أنواع» عصيّها.. وزخرفة شالاتها.. أستطيع أنا أن أخبركم.. كم «مركوب» نمر بأنواعها المختلفة ذات «النون» و«الهلال».. كم مركوب «أبيض» و«جنينة».. وكم «جزمة» مصرية أو إيطالية.. خاصة السيد الوزير «الفلاني».. وها هو الملل يجتاحنا.. والرتابة تخنقنا.. والتكرار يجثم على صدورنا.. وها نحن بل ها أنا.. أتمنى.. أو أطلب.. من السادة صانعي القرار.. ألاّ يعود وزيراً في الوزارة الجديدة.. السادة الأفاضل.. المحترمون الموقرون الآتية أسماؤهم.. ليس ذلك حقداً.. ولا «كراهية» ولا بغضاً.. فليس بيننا وبينهم.. لا صداقة واهية أو متينة.. أو بغضاً.. وحسداً وحقداً، فلا شيء يجمعني بهم البتة.. وكيف لي أن أكون قريباً منهم.. أو حتى على بعد بيد دونها بيد، بعيداً عنهم.. «فأنا فين وهم فين».. كما يقول أحبتنا في شمال الوادي.. نكتب اسم الوزير الذي نرجو أن يرتاح، ولا يشمله كشف الاستوزار في الوزارة الجديدة.. وحيثياتنا ومبرراتنا وقناعاتنا.. وأسبابنا.. وللقيادة السياسية بعد ذلك أن تستجيب، أو أن تضرب.. بحروفنا كالعهد بها.. عرض أقرب حائط.. وبسم الله الواحد الصمد.. واهب الملك من يشاء.. ونازع الملك ممن يشاء.. الاسم الأول.. مولانا عبدالباسط سبدرات.. ونورد الأسباب.. أولاً.. وتماماً، وتأسياً بأدب شيخ العرب «أب سن».. فالرجل قد «طوّل». ثانياً.. ولأن الكلمة تهبط بالإنسان سبعين ذراعاً.. فقد أورد جملتين في موقفين مختلفين.. أظهرتا أن الرجل.. قد تخلى تماماً.. وعند الحاجة إلى دور سلطته ووزارته في فرض العدالة والقانون.. عندما جاءت، بل سئل عن حجم اختلاسات المال العام الهائلة المهولة.. وعلى ذمة المراجع العام.. قال الرجل: إن هؤلاء المختلسين.. ينقصهم الوازع الديني.. ونسأل السيد وزير العدل.. إذن ما هو دور وزارتك، إن لم يكن ملاحقة الفساد والحرامية واللصوص.. وهل..أديت القسم وزيراً للعدل.. أم واعظاً.. ومرشداً دينياً.. وماذا يعني حديثك عن نقصان الوازع الديني.. غير «يا جماعة.. يا حرامية.. يا مختلسين.. بالله عليكم لا تسرقوا وتذكروا يوماً لاينفع فيه مال ولا بنون».. والموقف الثاني.. حدث قبل يومين اثنين.. وكان الحديث عن كارثة «سوق المواسير» الدامية الحزينة الأسيفة الدخيلة على أخلاق الشعب السوداني العظيم، والتي لا يمكن أن تحدث حتى في رواندا، أو جمهورية من جمهوريات «الموز».. قال السيد الوزير سبدرات.. إننا سوف نسعى لاسترداد المواطنين إلى أموالهم.. «والمال تلتو ولا كتلتو» ويا ألطاف الله.. هل هذا التصريح.. يصدر من وزارة العدل الفخيمة الوقورة الصارمة.. أم هو حديث «أجاويد» تحت ظلال قطيّة في سوق الله أكبر.. وماذا يعني هذا الحديث غير أنّ المتضررين لن تعود لهم أموالهم كاملة.. وهذا من أوجب واجبات.. وزارة العدل.. ثالثاً.. وسبب ثقافيّ.. فنّي.. يتعلق بالإبداع.. ويهمني شخصياً.. أقول.. لقد عاد سرب البلابل الجميل.. والبلابل أنشدن للرجل رائعته.. رجعنا لك.. بالله عليكم.. أطلقوا سراحه.. ليمطرنا.. بوابل الحروف الندية لتسيل جداول بهجة ودهشة من أفواه البلابل الفنانة.. غداً نتحدث عن وزراء نأمل ألاّ نراهم في الوزارة الجديدة.