يقول المثل السوداني: (الخريف من رشتو.. والعريس من بّشتو) والمعنى واضح بلا شك، ويكون أقرب للمثل الثاني: (الجواب يكفيك عنوانو) أو اذا أردنا أن (نفلسف) الموضوع فإننا سنقول: إن المقدمات تقود إلى النتائج. بالأمس نفض نواب مجلس الخرطوم التشريعي الغبار عن كرسي الرئاسة، ودفعوا بالأستاذ محمد الشيخ مدني، ليجلس عليه من جديد رئيساً للمجلس المنتخب.. وإذا أعدنا قراءة مقدمة هذه الزاوية، فإن مكسب الخرطوم سيكون عظيماً بإذن الله، بعد أن تمّ انتخاب الدكتور عبد الرحمن أحمد الخضر والياً عليها، بأغلبية أصوات الناخبين، وبعد أن تم انتخاب الأستاذ محمد مدني، المشهور في الأوساط الرياضية والتعليمية والاجتماعية باسم «أبو القوانين»، وقد جاء انتخابه بأغلبية أصوات النواب المنتخبين، وفي هذا تقدير لدور الرجل وعمله المتصل في حياتنا العامة، وعرفان بما قدمه في أخطر مجالين يتشكل من خلالهما إنسان المستقبل في بلادنا، وفي ولاية الخرطوم، ونعني بهما مجال التعليم، الذي عمل به «أبو القوانين» معلماً متميزاً لمادة الرياضيات، في المرحلة الثانوية، ثم وزيراً للتربية والتعليم بالولاية، في فترة حاسمة لا ينسى له التلاميذ ولا أولياء أمورهم وآبائهم وأمهاتهم أنه كان يقوم بتدريس حصة رياضيات تلفزيونية، تجمع حول الشاشة الفضية الآباء والأبناء والأمهات؛ لما فيها من علم وقدرة وتأهيل وخبرة. أما المجال الثاني فهو مجال التربية، المرتبط بالتعليم، والمرتبط أكثر في حالة «أبو القوانين» بالرياضة، بوصفه أحد رموزها، لذلك علينا أن نتفاءل خيراً كثيراً بوجود رجل بهذا المستوى، والقبول، والخبرات، في هذا الموقع الحساس والخطير، ويحق لنا أن نحلم، في ظل رئاسته لمجلس تشريعي الخرطوم الجديد، بأن يسعى «أبو القوانين» ومجلسه الموقر إلى تطبيق أهمّ موادّ الدستور، الخاصة بمجانية التعليم، وأن نحلم بأن تكون حصة الرياضة على ذات القدر من الأهمية الذي تجده حصة الرياضيات في المدارس، وأن تحظى بذات الاهتمام الذي تحظى به حصة التربية الدينية، واللغة العربية، وبقية العلوم، ولنا أن نحلم بأن تكون كل مدارسنا (نموذجية)، حتى لا تصبح هذه الصفة -أي النموذجية- مرتبطة بالمدارس التي تضم المتفوقين والأوائل. نريد مدرسة نموذجية، تضم النشاطات الرياضية والثقافية والاجتماعية، التي بدونها يصبح التعليم ناقصاً، ونريد اهتماماً أكبر بالرياضة في ولاية الخرطوم، التي تضم آلاف المواهب داخل مدنها وأحيائها، وتفتقر لآليات الكشف والاكتشاف من قبل الدولة، والأندية الكبرى، ونريد اهتماماً بالتدريب والمدربين؛ لأن الموهبة وحدها لن تكفي دون إعداد، والفطرة لن تدفع بفرقنا ومواهبنا إلى الأمام دون تأهيل وتدريب. سئل «أبو القوانين» ذات يوم، عن روشتة للنهوض بالكرة السودانية، فقال: إنه لابدّ من أن نأخذ قضية (الكورة) بجدية؛ لأننا عندما نتحدث عن تاريخنا الكروي، نقول بأننا كنا أفضل من الأفارقة، وأفضل من العرب.. نحن الآن نحتاج إلى إمكانيات مادية، ونحتاج إلى الانضباط.. لقد تقدم علينا العرب كروياً بسبب الإمكانيات المادية.. وتفوق علينا الأفارقة بسبب الانضباط. مبروك للخرطوم الولاية.. ومبروك للسودان ولنا ولكم جميعاً انتخاب «أبو القوانين» رئيساً لمجلس تشريعي الخرطوم و(الخريف من رشتو.. والعريس من بشتو).