كان المشهد رائعاً وجاذباً ومتعة للعين.. ونحن على مقربة من البوابة الرئيسية لمبنى اذاعة الصين الدولية في منطقة بابادوشان في بكين، لفت إنتباهنا تمارين الرياضة الجماعية للعاملين في احدى المؤسسات الحكومية، حيث اكتظ فناء الدار بالعاملين صغيرهم وكبيرهم، مديرهم وخفيرهم، وكانوا يؤدون التمارين الرياضية الصباحية في إنسجام وتناغم وتناسق بديع، وبدأ المشهد وكأنه لوحة رائعة، واندهشنا للحركات المتناسقة البديعة والاندماج والجدية التي يبديها المتدربون من الجنسين، كانت الغالبية ترتدي زياً موحداً، وكبيرهم ببدلة كاملة يتقدمهم ويتدرب معهم على أنغام الموسيقى، استمتعنا بالمشاهدة قبل أن تصلنا السيدة فائزة مديرة القسم العربي بالإذاعة الدولية لتقودنا إلى داخل المبنى.. استوقفنى المشهد وكنت قد شهدت عبر التلفاز قبل سنوات مشاهد لرياضة جماعية لمسنين ومسنات في الصين واليابان وكوريا.. وبعد أيام وجدت أن الرياضة هي برنامج مقدس للجميع في الصين، سواء أكان للفرد أو للجماعة في البيت، وفي النوادي الملحقة بالبيوت، أو في المجمعات السكنية والعمارات، وفي النوادي، وفي الساحات العامة وغيرها.. وقال لي الأخ الخبير الإذاعي أسامة مختار إن وزنه نقص أكثر من 10 كيلوجرام أو أزيد بعد وصوله الصين وانخراطه في الرياضة اليومية، التي أصبح لا يستغنى عنها.. والحال ينطبق على سودانيين كثيرين التقيناهم في بكين وقوانزو وغيرهما من المدن الصينية، حيث أصبحت الرياضة جزءاً من برنامجهم اليومي.. وتجد الإنسان الصيني في كل الأحوال متناسق الجسم، رشيقاً قوياً دائم الحركة، وافر النشاط، وأبناء السودانيين الصغار في الصين انخرطوا في رياض الأطفال، وفي مدارسهم في التمارين الرياضية اليومية، وفي الرياضات المتعددة مثل الكراتيه والتايكندو وغيرهما من الرياضات المحببة لأهل الصين. وبالتالي فإن جيلاً جديداً من شباب الوطن سيعود مسلحاً بخبرات واسعة في رياضة أهل الشرق، وبأسلوب حياة مختلف.. ونحن في السودان مازلنا شيباً وشباباً بعيدين من ممارسة الرياضة، التي تعود بالمنفعة للشخص المتريض والمتدرب، وليس رياضة التشجيع التي لا تسمن ولا تغنى من جوع..! ولا تجلب سوى الضغائن والأحقاد، وفاحش القول وبذئ الكلام، وتجريح الاشخاص، والتقليل من شأنهم ومقدارهم.. لم تقم الوزارة الاتحادية طوال عقود إنشائها في السودان بدور ملموس تجاه رياضة المجتمع، وهناك بعض إشراقات على مر السنوات في المدارس وفي الجامعات، ولكن حتى اللحظة لم نجد إهتماماً حقيقياً بالرياضة للجميع، رغم أن العالم كله جعل من الرياضة خط دفاع أول في مواجهة الأمراض، وفي صحة الأجسام والعقول، إن على وزارة الرياضة الاتحادية في التشكيل الوزاري الجديد أياً كان موقعها مع الشباب أو منفردة أو مجلساً قومياً أو مجلساً أعلى أن تضع في استراتيجيتها وبرنامجها الأول الرياضة لعموم أهل السودان، وأن ينشأ حزب الرياضة الذي يؤثر في السياسة، ويكون مكسباً وليس خصماً، وأن يبادر الأخ الوزير هاشم هارون في موقعه في المجلس الأعلى للشباب والرياضة بولاية الخرطوم، وفي موقعه المهم كرئيس للجنة الاولمبية، أو في أي موقع جديد آخر بتبني مشروع الرياضة للجميع، واخراجه من الادراج ورقائق الاسطوانات المدمجة الى حيز التنفيذ في الشارع العام، وفي الأحياء والميادين، وأن تعمم ثورة الناشئين لتصبح ثورة الشباب والشيوخ، وأن تتحول ساحات السودان الى ملاعب خضراء، وأن يتعلم السودانيون الجري والركض جماعات وجماعات عقب صلاة الصبح، وأن نهيئ قبل ذلك ميادين واسعة، وحدائق، وبيوت شباب في كل حي، وأن تكون هذه الثورة الحقيقية التي نريدها في السودان ثورة الرياضة للجميع، ولنذهب بعدها باحثين عن منصات التتويج والذهب والفضة، ولتتحول وزارة الرياضة الى وزارة ديناميكية دائمة النشاط والحيوية، وليكن موقعها الجديد ومن الآن في داخل اسوار المدينة الرياضية، وليس على شاطئ نهر النيل، حتى تكون الوزارة عيناً على مدينة السودان الرياضية، وحتى تكتمل منشآتها بيد شبابها وخبرائها، وليس من بعيد وتدار بالريموت كونترول.. وحزب الشمسية: الأخ العزيز العقيد حسن عبدالله الفكي مسؤول الجوازات بسفارتنا في بكين، من الشخصيات السودانية المتميزة، فهو ابن بلد وعلامة مضيئة لأهل السودان في بكين، ومن خلال ونسة ودردشة معه اتضح أنه رجل دائم التفكير والتبصر فيما حوله، ويقارن مع حالنا في السودان، ويقدم الكثير من الأفكار العملية المفيدة، ومنها رغبته الشديدة، بل وحرصه أن يعم استخدام المظلة أو الشمسية لدى السودانيين، ويقول ما الذي يمنع السودانيين من استخدام الشمسية أو المظلة مع هذه الشمس المحرقة، وما الذي يمنعنا من استخدامها في موسم الأمطار، ولماذا لا تكون الشمسية ملازماً للإنسان السوداني في حله وترحاله، وهي الآن تصنع خفيفة جميلة بلا وزن يذكر، وما العائق في عاداتنا وتقاليدنا من استخدامها، بل ومن الحرص عليها، والسودان هو البلد الذي يحتاج أهله إلى استخدامها مع شمس منتصف النهار المحرقة، ومع الأمطار التي تستمر وقتاً طويلاً بدلاً من الجري والاحتماء ببراندات المحلات، واستخدام الجريدة في مقام الشمسية، إنها ثقافة مطلوب تعميمها بين السودانيين.. وأضاف إن كثيرين ممن تحدث إليهم تحمسوا للفكرة، وقلت له: نحن معك ومع حزب الشمسية، ولا علاقة لهذه الشمسية بأي شعار شمسية في الانتخابات السابقة. جوانزو- الصين18مايو2010