ü قضية أفريقيا الآن الاختلاف الناشيء بين دول حوض النيل حول تقاسم حصص المياه بين الدول الأعضاء.. ومنذ أن نشبت الخلافات بين دول المنبع ودولتي المصب، لم يتوصل الجميع الى اتفاق مرضٍ للحفاظ على صيغة التعاون التي كانت موجودة منذ عقود عدة.. فدول المنبع طالبت بشدة بإعادة تقسيم كمية المياه بين الدول الأعضاء بالتساوي دون النظر الى الاحتياجات الفعلية لأي دولة، مع إغفال كامل لكل الإتفاقات المبرمة سابقاً، والتي أصبحت حقوقاً تاريخية لكل أعضاء حوض النيل. ü الخلاف تفاقم في الآونة الأخيرة بصورة لفتت أنظار العالم الأفريقي والدولي.. وتهيأ الرأي العام العالمي وبدأت مؤسسات التمويل العالمية تعد نفسها لإنشاء وإقامة مشروعات مائية في مناطق معينة بدول المنبع من أجل تعميق الخلاف بين دول حوض النيل، هدفاً لخصخصة المياه وعرضها في بورصة السلع العالمية مثلها مثل البترول.. وهذه المشروعات عبارة عن سدود وخزانات كبرى تحجز كميات المياه لبيعها كسلعة في السوق العالمي، وهذا النهج رفضته دولتا المصب السودان ومصر، ووقفت الدولتان ضد اتجاه دول المنبع.. الأمر الذي زاد الخلاف اشتعالاً ودفع عدداً من الدول الأعضاء على توقيع إتفاق إطاري لتقاسم المياه. ü الصورة الماثلة الآن في أزمة مياه النيل، هي أن هناك فريقين متحاربان وكل منهما ضد الآخر، (7) دول والتي تسمى دول أحباس النيل العليا، ودولتا المصب هما السودان ومصر.. وبالرغم من أن الإتفاق الإطاري الجديد التي تصر عليه دول المنبع، يضر أكثر بمصالح مصر والسودان في حصة المياه.. إلا أن السودان نصيبه من الضرر أقل بكثير من الشقيقة مصر.. حيث تشهد مصر انكماشاً في مساحة الأراضي الصالحة للزراعة، وشحاً في كميات المياه المطلوبة لسد احتياجات الإنسان والحيوان والزراعة، لذا فإن مصر هي أكثر الدول تضرراً من موقف دول المنبع في مسألة إعادة توزيع حصص المياه بين دول حوض النيل. ü موقف الدول الأفريقية الواقعة في منطقة حوض النيل، أظهر عدم مرونتها في مسألة المياه، مع إصرارها التام على تنفيذ الإتفاق الإطاري الجديد الذي يضر بمصالح دولتي المصب مع مطالبتها بإلغاء الإتفاقات التي أبرمت سابقاً، والتي خصصت كميات المياه.. مثل إتفاقية عام 1929م التي أبرمت بين إنجلترا بصفتها ممثلاً لدول المنبع، ومصر في إعطائها حصة تقابل احتياجاتها من المياه آنذاك.. وكذلك الإتفاقية الثانية التي وقعت بين مصر والسودان والتي تسمى الإتفاقية المشتركة لمياه النيل.. وكلا الإتفاقيتين تمت في زمن كانت جميع دول المنبع تحت سيطرة الاستعمار الأجنبي ما عدا أثيوبيا الكبرى.. وكانت الدولتان مصر والسودان دولتين مستقلتين، حيث نالت مصر استقلالها 1952 والسودان 1956م. ü الآن المشهد السياسي الأفريقي (منطقة حوض النيل)، يعكس أن الصراع القائم صراع مصالح، وأن الحرب الكلامية والتهديدات لن تحل الأزمة الناشبة بين الطرفين.. ولكن قرائن الأحوال تشير الى أنه عن طريق الحوار والمفاوضات يمكن للأزمة أن تزول وتصل كل الأطراف الى حلول مرضية وتتقاسم المياه بين دول الحوض بما يرضي طموحات أي عضوية.. وهذا الدور يحتاج الى شخصية رئاسية نافذة، وهذه الصفات لا تتوفر إلا في الرئيس البشير رئيس جمهورية السودان، الذي أصبح محل تقدير في القارة الأفريقية والدول الشرق أوسطية.. وبما اأن السودان مقبل على تشكيل حكومة جديدة منتخبة وشرعية.. والجميع مشغول الآن لفترة الأسبوعين القادمين.. لذا هلا تفضلتم يا سيدي الرئيس أن يكون أول عمل تقوم به بعد تكوين الحكومة الجديدة، أن تبدأ تحركاتك بدول حوض النيل لتسوية الأزمة.. واعلم يا سيدي الرئيس أنك ستجد كل عون وسند من جميع الأطراف للاستماع اليك واحترام كلمتك ونظرتك الأفريقية.. وأطيب صدقة الماء.