يظن البعض أن الفريق سلفاكير ميارديت النائب الأول لرئيس الجمهورية قائد الحركة الشعبية أنه داخل حركته شخصية مغلوبة على أمرها، أمام الثنائي المهرج باقان وعرمان-كما يعتقد آخرون-أن سلفا رجل متضارب الأقوال يتأثر بما حوله،بينما الشواهد والوقائع تكذب كل ذلك،وتؤكد أنه هو الأخطر في الحركة، أنه القادر فيها على اللعب بالبيضة والحجر دون أن تسقط قبعته.. وأن الغموض الذي يكتنف شخصيته وراءه دهاء سياسي كبير.. فعندما ظنت أحزاب جوبا أيام أزمة المؤتمر الوطني والحركة أنها بهتافها(باقي دقيقة وسلفا بجيبا) أنه سينفعل مع الهتاف ويدعم تهريجها في الشارع، لاسقاط الحكومة، فاجأهم سلفا بظهوره في اجتماع مؤسسة الرئاسة لمعالجة قضايا الخلاف، وهزمهم بتأكيداته بأنني والبشير في مركب واحد، إذا غرق غرقنا، مفوتاً الفرصة على أحزاب المعارضة التي كان يمنيها باقان وعرمان بسند الحركة لها، وكذلك فعلها عندما اقترب السباق الرئاسي الذي جاب قبله عرمان وباقان الولايات، وقال عرمان في جنوب دارفور للجماهير(الكرسي مضمون مضمون)، ففاجأ سلفاكير باقان وعرمان بسحب مرشح الحركة من السباق الرئاسي في سيناريو لم يتوقعه الرجلان، ولم تجد أيامها احتجاجات وعويل عرمان الذي تحدث عن صفقة بين الوطني وقائد الحركة.. وقبل هذا وعندما نزع أنصاره في جنوب كردفان علم السودان من مكان الاحتفال مكتفين بعلم الحركة، ثار الرجل وقال(إنني جئت هنا كنائب أول لرئيس الجمهورية)، ولم آت رئيساً للحركة فقط، ثم تحدث يومها عن الوحدة حديثاً قيماً أنهاه بتعهده أنه أول من سيصوت في صندوق الوحدة، ليكسب رضاء أهل الولاية، وتأتي قناعات سلفاكير بالوحدة من المطبات التي سيقع فيها حال الانفصال، وحال تحول الجنوب إلى بلد يرأسه هو والذي يدرك أن القبائل الجنوبية أصعب في مراسها من الوطني، الذي يشكون منه.. فالدكتور لأم أكول صاحب الشعبية الواسعة في أعالي النيل ضده وقائد التمرد الجديد أتور يهدد أمن وطنه وخلافات قادته، والحرب الباردة بين أنصاره، وأولاد قرنق ستزداد ضراوة بعد أن كانت متوجهة نحو الوطني خلال فترة الشراكة، كما يعرف الرجل أن دولته ستكون في مهب الريح اقتصادياً، لذلك لم يكن غريباً أن يأتي خطابه الأخير مائعاً وغير محدد المواقف، متحدثاً في جانب منه عن أن زمن الوحدة الجاذبة قد ولى وفي جانب آخر على أنه سيدعم الوحدة.. والمراقب لمنهج الرجل يعرف أن سلفاكير الخطير رجل يلعب على كل الحبال، قبل أن يقفز إلى أهدافه في اللحظات الأخيرة، وسنرى عندما يأتي الاستفتاء انقلابه على الانفصاليين، بعد أن يرتب نفسه مثلما فعل في حالة إخراج عرمان من السباق الرئاسي، مؤكداً أنه رجل الدقائق الأخيرة، فهو الأقوى والأعرف بمصالحه التي يقود اليها الجنوب بسياسة لا تجعل العداوات تتصاعد نحوه قبل أن يبلغ النهاية في المسار لغاياته.. ومن هنا أقول إن قرار الانفصال أو الوحدة بيد سلفاكير القومي والذكي والخطير، وأن المعطيات تقول إن سلفا سيقلب الطاولة في النهاية على الانفصاليين إذا ما أحسنا الترتيب معه.. هكذا قالت التجارب ومن هنا يجب أن نتفاءل.. ونواصل