* الجنيات بشروا ليك البنات زغردن تسلم يا أب عاج أخوي يا دراج المحن * كان ثلاثيّ البلابل يتغنّى بهذا النشيد -وقد خانتني الذاكرة في التعرّف على اسم الشاعر- حتى انطبع لقب أب عاج، وغلب على اسم الرئيس نميري.. أو جعفر ود الحاج محمد نميري.. جعفر، ود الحاجّة زينب بت خليل نميري، كما قال المرحوم عمر الحاج موسى، في خطابه الشهير، بقاعة الصداقة، وهو يقدّم لترشيح النميري لرئاسة الجمهورية، وكانت آخر كلماته التي مات بعدها بساعات قلائل، تغمّده الله برحمته. * في فجر الخامس والعشرين من مايو 1969، تحرّك تنظيم الضباط الأحرار من خور عمر، شمالي أم درمان، واستولى على السلطة.. وفي كتابه: «الجيش السوداني والسياسة» ذكر العميد ركن (م) عصام الدين ميرغني طه، وهو عبارة عن دراسة تحليلية للانقلابات العسكرية في السودان، حمَّلها وجهة نظره الشخصية.. لكن طريقته منهجية، ومستندة إلى العديد من المراجع والإفادات.. وإن لم يعتمد أسلوب المؤرخين المتجرّدين من الهوى الشخصي.. حتى ينقل لنا الوقائع كما هي، دون تدخّل وهو سفر مفيد يستوجب العناية والاطّلاع، ولا غنى لأي باحث عنه، يقول أبو غسَّان، وهذه كُنيته.. تحت عنوان جانبي الحزب الشيوعي الدور والمسؤولية: «حاول الحزب الشيوعي في وثائقه المختلفة، تفادي مسؤولية التخطيط والمشاركة في انقلاب 25 مايو 1969م، ولكن ماهي حقيقة الأمر ؟» يحيلنا أبو غسان إلى كتاب محمد سعيد القَّّدال، معالم من تاريخ الحزب الشيوعي، صفحة 212 ، وطرح بعض الضباط على الحزب الشيوعي فكرة الانقلاب العسكري.. واعترض عليها الحزب في دورة اللجنة المركزية، في مارس 1969م، التي كرست لوضع حد فاصل بين العقلية الانقلابية ومنهج العمل الجماهيري، الذي ظلّ الحزب يدعو له منذ تأسيسه، ثم عرض بعض الضباط مرة أخرى على الحزب الشيوعي مشاركتهم في انقلاب عسكري.. وحمل الدعوة السيد بابكر عوض الله، والرائد (م) فاروق عثمان حمد الله، وهو العقل المدبّر والمنسق لانقلاب 25 مايو، والتقيا مع الأستاذ عبد الخالق محجوب، الذي طرح الأمر على المكتب السياسي، في اجتماعه في التاسع من مايو 1969، ورفض المكتب السياسي المشاركة، وعندما نوقش موضوع الانقلاب في اجتماع الضباط الأحرار، اعترض عليه غالبيتهم ويعلق أبو غسان على كلام القَّدال فيقول: من المؤكد أن التنظيم العسكري الشيوعي داخل تنظيم الضباط الأحرار، قبل انقلاب 25 مايو 1969م، لم يكن بالقوة التي تمكنه من التأثير على ذلك القرار.. بحكم أن القوة الضاربة في سلاحي المدرعات والمظلات، كانت تحت سيطرة تيار القوميين العرب، وكانت كلها تدفع في اتّجاه التنفيذ.. * وفي كتابه، الجيش والسياسة في السودان، للأستاذ محمد محجوب عثمان نجده لا يذهب بعيداً عن ما أورده القَّدال ويقدم للمبررات التي صاحبت اشتراك غلاة الشيوعيين في أول حكومة مايوية: (إن تطور الموقف حول فكرة الانقلاب الذي تبنته عناصر القوميين العرب، من تنظيم الضباط الأحرار.. والذي.. لاقى اعتراضاً من الحزب في اجتماع المكتب السياسي في مارس 1969م، ما كان له أن يحدث لولا الكتلة التي دعمت فكرته داخل اللجنة المركزية، التي استطاعت تمرير موقفها على المستوى القياديّ.. وهذا ما يفسر لنا وقوف غالبية أعضاء اللجنة المركزية مع فكرة المشاركة في حكومة مايو، على المستوى الوزاري، بعد رفضها للاقتراح المقدم من السكرتير العام للحزب، بعدم القبول بكراسي وزارية. * يقول العميد (م) أبو غسان، في كتابه: أجمع الضباط القوميون في التنظيم على اختيار العقيد، جعفر محمد نميري، لقيادة الانقلاب، رغم بروز أسماء أخرى لقيادة الانقلاب.. انضمّ العقيد جعفر محمد نميري، لتنظيم الضباط الأحرار، في العام 1963م، وبرز بصورة خافتة خلال ثورة أكتوبر، الشعبية، ثم بصورة لافتة في حادثة اعتقال وزير الدفاع، السيد د. عبد الحميد صالح، والقائد العام، الفريق محمد أحمد الخواض، في جوبا، ديسمبر 1965م، أثناء قيامهما بجولة تفقدية للقوات العاملة في الجنوب، تعبيراً عن التذمر من تردي أحوال القوات هناك، من حيث الكفاءة، والقدرات، وضعف التسليح، والمعدات، وقلة التموين. ولم يتمكن العقيد جعفر محمد نميري، من حضور الاجتماعات النهائية، وقد كان قائداً لمدرسة المشاة، بجبيت، لشدة الرقابة عليه من قبل الاستخبارات العسكرية.. وكان من بين المرشحين لقيادة الانقلاب، اللواء أحمد الشريف الحبيب.. والعقيد مزمل سليمان غندور، لكنّ تيّار الضبّاط القوميين العرب، في تنظيم الضباط الأحرار، كان هو المرجح لاختيار العقيد جعفر محمد نميري.. وهكذا كان. * تقول النكتة السياسية بأن واحد قال لمن حوله، وهم يتحدّثون في السياسة، ويتذمرون من حكم ثورة الإنقاذ الوطني، ويقولون:(الجماعة ديل أدوهم يومين تلاتة، فقال: المرة الفاتت جاء نميري من خور عمر وحكمكم ستطاشر سنة، المرة دي جاكم سيد الخور ذاتو!! يحلكم الحلَّ بلَّه). وهذا هو المفروض