تقيم أكثر من دولة في الخليج مهرجاناً (فرائحياً) اسمه موسم العودة للمدارس، وهو عبارة عن احتفال بهيج.. وألعاب.. وأزياء.. وأدوات مدرسية بأسعار معقولة.. وهم يكسّرون بهذه المهرجانات حاجز الرهبة، أو الخوف، أو (الكراهية) لدى الأطفال من العودة للمدرسة، بعد إجازة طويلة، ألفت نفوسهم فيها حياة الدعة والخمول، واللعب والإجازات واللهو.. والنفس تأبى الضوابط الصارمة، والالتزام الدقيق بالمواعيد، والعقاب والتوبيخ، والدراسة الجافة، والمذاكرة المملة، والامتحانات وهلمجرا.. وهذه من طبيعة الأشياء!! ü أما في بلادنا ، فموسم العودة للمدارس يجيء في بداية فصل الصيف، حيث حمأة القيظ، التي تصل بالحرارة لأكثر من خمسين درجة.. ولأكثر من أربعين درجة في الظل!! وتجد الآباء والأمهات وقد جفت حلوقهم، وتشققت ألسنتهم، من كثرة الشكوى من مصاريف المدارس، رسوم، وملابس، وكتب، وكراسات، وإيجار مواصلات، وحق الفطور، وبقية الالتزامات، وبالمقابل فإن تلاميذ المدارس، في الغالب الأعمّ لا يرحّبون كثيراً، خاصة في الأيّام الأولى للعودة للمدارس.. والمدارس نفسها تبدو، وكأنها فوجئت ببداية الموسم الدراسي، فتضيع ثلاثة أو أربعة أيام، قبل أن تنتظم الدراسة؛ بسبب عدم اكتمال الكتب المقررة، أو عودة المعلّمين من الإجازة أو الصيانة أو غير ذلك من الأعذار المتكررة.. ورويداً رويداً يعتاد التلاميذ والطلاب وذووهم الأمر ويصبح الذهاب للمدارس والعودة منها أمراً روتينياً، ولكن. ü لا أدري على أية فلسفة يحدد الزي المدرسي.. ففي غمرة الحماس والانفعال الصادق بالجهاد، تغيّر الزي المدرسي إلى القماش المموّه بما يقارب، أو يشابه زيّ القوات الخاصة، أو زيّ القوات المسلحة في العمليات، مع اختلاف في الألوان ودرجاتها.. لكنّ النظرة العامة للزيّ المدرسيّ، هو عبارة عن زي عسكري، أو شبه عسكري، ولسنا في حاجة للاستمرار في هذا (الاختيار) الذي إن واكب مرحلة في مسيرتنا السياسية، فهو بالقطع لا يواكب هذه المرحلة التي نعيشها من تحول ديمقراطي، ودولة مدنية، ورئيس منتخب تنحّى عن منصب القائد العام للقوات المسلحة، وإن بقي قائداً أعلى للجيش والشرطة والأمن، شأن أي رئيس جمهورية في بلاده. ü إن مظهر طلابنا بالزّيّ المموّه، إن لم نقل (المبهول) لأن الزيّ العسكريّ، اللبس ثلاثة، أو اللبس خمسة، أو التشريفة، يكتمل بلبس الرأس، بوريه.. طاقية حديد.. سايد كاب.. بقهات، وغيرها من حذاء بوت قصير، أو بوت طويل، أو جزمة ستة أخرام، أو أربعة أخرام، أو غيرها مع لبس القاش، أو القايش، أو حزام الجلد، مع الكردان، فيما نجد أولاد المدارس يلبسون الزيّ المموّه، كيفما اتّفق، وربما تحول ظروفهم الأسرية المادية بينهم وبين اكتمال الزي، والحذاء، وحلاقة شعر الرأس، وغير ذلك، فيبدو شكلهم متنافراً، وألوان أقمشتهم متباينة، والتفصيل مختلفاً، خاصة بين البنات اللائي لا يلائم الزي شبه العسكري طبيعتهن. ü وربما أن (التربية) مقدمة على(التعليم) وأن من بين المناهج مادة (التربية العسكرية) فالعودة إلى الكديت بزيّه العسكري الكامل، ومعلميه المحترفين، من قدامى المحاربين، أوجب.. مع إعادة النظر في الزي المدرسي الذي لا يلائم المرحلة، ولا يفي بالأغراض التي من أجلها اختارته جهات الاختصاص.. فلماذا لا ندخل السرور إلى قلوب أبنائنا، ونجعل عودتهم للمدارس أكثر بهجة، وأجمل منظراً، بزي موحد جميل ومنسق.. يعتمد على أقمشة زهيدة الثمن، ومتوفرة في الأسواق، وبسيطة في الشكل، ورسمية في المظهر، لا يحيد عنها طالب أو طالبة.. ولا بد أن تتدخل الصناديق الداعمة لتخفيف العبء عن الآباء.. بتوفير الأدوات المدرسية، والزي المدرسي اللائق، واعتماد أساليب أكثر جذباً؛ لنجعل من العودة للمدارس عودة طوعية (جاذبة)!! ü يا حليل أيام زمان، كان التفتيش في الطابور، يومي السبت والثلاثاء، يشمل حتى الملابس الداخلية للتلاميذ.. التلميذ عمر حسن أحمد البشير غسل جلابية المدرسة، وعلقها على الحبل، ونام، وخرجت البقرة من الزريبة، ومضغت نصف الجلابية الأسفل، فذهب للمدرسة في اليوم التالي بالعراقي والسروال.. وأظنه نال علقة ساخنة إن لم يقبل الناظر عذره. وهذا هو المفروض..