إنها لبقعة في الأرض جاذبة.. بها (99) جبلاً وجبيلاً وبها الوديان و(الأخبئة) والسهول، و(العتامير)، وهي تشبه بعض الأودية والغايات والتلال.. والسطوح والمياهبمقاطعة (كوالا لامبور) بماليزيا.. التي تحبنا ونحبها.. ويقلدنا مسلموها.. ونتمتع بكرمهم ونشاطهم في ضروب الحياة كافة.. تلكم هي (كادقلي) وأخواتها.. في وسط جنوب كردفان.. ولا تكتمل (قوميتها) إلا (بالمجلد) الخضراء.. و(الفولة) البهراء لبهرة وشعل البترول حولها- ولا تبدأ الجبال غرباً إلا إذا نظرت إلى (كمدة) الطرين بلقاوة الصابرة.. وتتطاول المرتفعات لتصل أنت إلى (معهد) التربية.. ذي الأطوار ليصير جامعة للدلنج، يباهي بها صديقي العالم بروفيسور (خميس كجو)، صاحب طرفة (الدرانجيك) أو ( التفاتيف) ليسلمها بدوره إلى ابن الأضية زكريا البروفيسور (آدم أبكر) .. ومنهم ابن أبي أخي الدكتور (موسى مقوك) ولا يهدأ نفس لعضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الناجزة اللواء إبراهيم نايل إيدام، لا يهدأ له بال إلا وهو يحمل كل طموحات (الألمان) من الدلنج إلى (كادقلي) عروس الجبال، لتكتمل الزهرة الأنيقة الوسطى.. ولا تزدان وتزغرد ضاحية (كاتشا) إلا عند استقبالها لموكب الزفاف لابنتها عروس الخرطوم د. تابيتا بطرس شوكاي، وهي تستلم- (أي تابيتا)- أمر تحركها من قائدها المباشر (المشير عمر حسن أحمد البشير) أمير (الوزراء)، وعند هذا المفترق تنشط الدواب والمواتر والبكاسي والشاحنات بالطريق الدائري من مدينة التبلدي المتين بمدخلها الملفت.. وهي مدينة (تلودي) لينثني الطريق شرقاً إيذاناً بدخول الزائرين الناشطين لقطاع جنوب كردفان الشرقي ( الليري) عبر ( كالوقي)، معتدلاً إلى ( أبي جبيهة) منارة عرب ( أولاد حميد) و (كنانة) و (الكواهلة) وغيرهم وغيرهم.. وتعجب أنت قارئي العزيز- إن لم تفارق هذا الطريق الدائري المسفلت المرتقب- لتجد قدميك ودابتك أن تجد هي- أنها على ارتفاع (ثلاثة) آلاف قدم فوق مستوى سطح البحر.. وتجد أنك داخل مدينة (رشاد) رئاسة المحلية.. التي إن رأيت أنت كذلك (ظعائن) العرب الرحل وهي تزحف.. راكبين وراجلين.. ومشاة ( ما شاء الله) تعبر الفجاج.. ولا تشعر أبقارها أو أغنامها أو جمالها ولا (نساؤها) لا تشعر أنها على هذا الارتفاع المذهل.. لأن الأرض ترتفع بمقادير المولى الأعز- ترتفع بالتدرج كأنك تسير على (بسيطة) متماهلة.. وتعجب أشد إن وجدتهم وقد أناخت النساء (أبعرها) واحتاش الصبيان (ماعزهم) و (ضأنهم) وربطوا (العجال).. فهنا تأتيك (مواعين) و(جرادل) الألبان الطازجة الهنية.. وما أن تنزل متدرجاً إلى (العباسية تقلي) حتى تباهيك مرتفعات وجبال (قدير)، حيث اختارها الإمام المجدد ( محمد أحمد المهدي) اختارها منطلقاً للثورة الإسلامية التجديدية.. ليعلو في الناس بالسودان نشيد المعركة: هيا.. هيا سيروا للمهدي في قديرو ثم كانت بعدها (أي قدير) شيكان.. ثم أم درمان (حاضرة الزمان).. فهذا هو الطريق الدائري الذي دخلناه وسلكناه من منتهاه (كادوقلي/ تالودي)، لنصل إلى مبتدأه (العباسية) بجنوب كردفان.. (أم روابة) بشمال كردفان.. وهو مبتدر ليكون مسلكاً ونسقاً سياحياً، ستتبارى للوصول إليه بدائع وروائع الجماعات والأمم.. وعلينا نحن بالسودان.. اليقظة والترقب.. وبسط الكفالة ومن هنا تحيطون (معي) ببعض العلم بهذه الولاية (الطموحة) ولاية جنوب كردفان.. ذات المفاصل (الثلاثة) والتي سيسعى يوماً- كل منها لتكون ولاية قائمة بذاتها لتصبح حينها- بالسودان (ثلاثين) ولاية.. فالخرطوم هي عاصمة (المحجوب) القابضة.. كما صارت (واشنطن) هي العاصمة الأمريكية رغم حروبهم التي إمتدت وتطاولت في الزمن الغابر- وتزيد ولاياتهم (أي الأمريكان)، وهي فوق (الخمسين) ولاية وتزيد كل فترة وحين- دون قتال أو ( انفصال)، هذه هي الولاية التي إهتم بها الشأن القومي العام.. واتفقت الأطراف في (نيفاشا) بكينيا (2005) أن تكون ولاية متداخلة.. وبذلك أُفردت لها فترة خاصة بعد الانتخابات القومية الأخيرة بالسودان، أفرد لها أن تدقق عملية (التعداد) السكاني من جديد.. وأن تتأنى فيه، ليشمل المواليد والشباب والشيوخ.. والمقيم والظاعن ثم الزارع، وساكن الفجوات وسطوح الجبال.. وحول الرهود.. وإن اعتور الناس فصل الخريف والمطر.. فليلبسوا معاطفهم، كما كان يفعل أخي المهندس الحاج عطا المنان حاكم (نيالا) سابقاً.. إن حان وقت المطر في موعد الاجتماع، فيلبس الواقيات المطرية ويلحق باجتماعه كما شاهدته في زيارة لي- فليس إذن عندنا نحن السودانيين من حواجز، فقد ولدنا هكذا.. وبمثل هذا العزم جاءني يوماً بمنظمة الدعوة الإسلامية.. وأنا وأخي د. الزبير بشير طه مسؤولان عن الشباب والطلاب بها.. جاءني الأخ المرحوم (يوسف كوة) وكان وقتها بمجالس حكومة (الفاتح بشارة) بالأبيض.. جاءني ليقول لي: (لماذا لا تعطوننا حقنا في التعليم لأبنائنا بالجبال.. فلماذا نُظلم هكذا.. فأدركت ظناً مني أنه يجهل بعض المعلومات.. فقلت له: يا أخ يوسف.. تعالني (غداً) نفطر معاً.. ثم أطلعك على ملفات أبناء الجبال- كما نفعل مع أبناء الدول الأفريقية والآسيوية وغيرها.. بجامعات مصر.. والسعودية.. والخليج.. ودول المغرب، فلم أسمع به بعد ذلك، إلا وهو مع الفقيد (جون قرنق)، فأفضى به ذلك إلى أن يقاتل أخاه المجاهد (أحمد الكلس) ابن الجبال.. ابن كادقلي.. فقرأ (أحمد) الآية الكريمة (190) من سورة البقرة الصادقة التي تقول (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين). ولذا قاتل (الكلس) عن السودان حول الجبال. حتى استشهد.. لتكون كلمة الله هي العليا.. وكان صنديداً حتى خلدت الخرطوم بحري ذكراه.. فأطلقت اسمه (الكلس) على أحد شوارع أحياء مدينة (المايقوما) الشهيرة.. فهما إذن تعاركا(أي يوسف كوة وأحمد الكلس)، وهما من ساكني مدينة (كادقلي) حاضرة الجبال وكردفان.. فإن قيل لهما (..أدخلوا في السلم كافة..) توجب أن يبسطوا الأريحية والعفو والإخاء.. وأن يصينوا الأجهزة على هذه المرحلة المفصلية الأخوية (مرحلة التعداد والإحصاء) وقد حان الأوان لذلك.. فاجعلوا بيوتكم وساحاتكم سكناً وملجأً للعدادين والراصدين والحاسبين.. واستعينوا بكل خبرة للنجاح.. وأذكروا أن الإمام (المهدي) قد جاءكم أنتم.. وهاهو (السودان) قد جاءكم اليوم.. وأنتم المفاصل ( الثلاثة).. فكم تكونون.. فاحصوا واحسبوا لتنداح المدن الثلاث(الفولة) و(كادقلي) و(أبو جبيهة) والجايات أكثر من الرايحات .. كما تقولون.