حلقة أنيقة في شكلها وفي حضورها، وفي قيمة موضوعها، ورائعة في تناولها لقضية الغناء الهابط، التي استضاف فيها المذيع الرائع سعد الدين حسن في برنامجه بقناة النيل الأرزق (سهران يانيل)، زميلنا وأستاذنا الصحفي اللطيف مؤمن الغالي، الذي يتحدث مثلما يكتب في جاذبية لا تنقص في أية حالة.. بجانب الأستاذ التجاني حاج موسى، الشاعر الذي لو أكتفى(بتباريح الهوى) و(في عز الليل) و(جاي تفتش الماضي) لخلد في دواخلنا.. فالتجاني من الشعراء الذين أثروا الوجدان السوداني بالدرر والأعمال الفنية، التي صارت علامات بارزة في خارطة الغناء السوداني، كما سعدنا في الحلقة بمشاركة الأستاذة حنان (أم وضاح)، تلك المرأة التي تمضي بقوة في سكة الصحفية الشاملة، التي تجيد الكتابات في كل مجالات الحياة، والتي أظهرت في الحلقة ثقافة عالية حول الغناء.. كما لم يتخلف عن الحلقة الفنان الشاب طه سليمان، والذي يعجبني فيه أنه لا يعرف الإنكسار أو الانهزام، في ظل الحملات التي تنظم ضده، وأذكر أنه في حلقة إذاعية من برنامج الصفحة الأولى بالإذاعة هاجمه مرة مقدم البرنامج بشدة، وطالبه بالابتعاد عن الغناء، لفشل تجربته، إلا إن جبل الصمود طه ظل يدافع عن تجربته بروح رياضية عالية، وأنهى حديثه بتقديره لرأي مقدم البرنامج، وقوله إن إيمانه بما يقدم يجعله يمضي في طريقه حتى النهاية.. والمتابع لتجربة طه التي إن اتفقنا معه فيها أو اختلفنا، نجده يمضي فيها بقناعات لا يتراجع عنها، ويعجبني فيه اجتهاداته في أن يكون حاضراً حتى بالخارج، له في ذلك عدة تجارب من بينها (عايز أعيش) التي قدمتها عدة قنوات عربية.. عموماً إن الحلقة كانت جاذبة، ولم ينقصها إلا الباحث الاجتماعي الذي كان بامكانه الحديث عن التحول الاجتماعي، الذي جعل المجتمع يتقبل هذه الأغنيات وجعلها تحقق هذا الانتشار.. ومعلوم أن الغناء سواء كان من الفنان أو المتلقي، يكون الرابط فيه التحول الاجتماعي وأسبابه، التي تشكل الانفعال والقبول، كما أن ثمة سؤال مهم يقفز عن علاقة ما يقدمه المغنون الشباب بغناء البنات، الذي يعبر عن حالة المرأة والظروف المحيطة بها، في ظل التحولات الاجتماعية الكثيرة، التي جعلت الغناء يقترب أو يلتقي مع غناء الشباب، الذين يحيون حفلات هذه الأيام!!.