لم أفوت كلمة واحدة من سهرة سهران يا نيل التي فتحت ملف عدم انتشار الأغنية السودانية خارجياً، خاصة وأن المتحدثين من ضيوف الحلقة قالوا كلاماً مهماً جداً وضّح العلة بجلاء ووضع لها الحلول، أو لنقل اقترح لها الحلول، لكن أكثر ما لفت نظري كان حديث الأستاذ الإعلامي «ابراهيم دقش» الذي قال إن الأغنية السودانية لتخرج إلى العالمية لابد لها أن تتحلل وتتحرّر من قيود كثيرة أهمها كما قال بالوصف الخروج من «جلباب أبيها» وهو حديث في رأيي ينتصر لمحاولات التحديث التي يقوم بها الشباب على الأغنية شكلاً ومضموناً، ودائماً ما تُواجه بتهمة «الهبوط» وهي التهمة التي ستجعل أي فنان شاب «مظلي» من الدرجة الأولى لأن هذا الهبوط محتاج لبراشوت، طالما أنهم في حالة هبوط دائم، ولعل مثل هذا الحديث عندما يخرج من دكتور دقش وهو الرجل صاحب المخزون الثقافي الكبير والماعون الاعلامي الممتلئ خبرة وممارسة يعني الكثير والمزيد من النظر بعين الرحمة لهؤلاء الشباب المجددين الذين نكسر مجاديفهم صباح مساء. وحديث آخر لا يقل أهمية عن حديث دكتور دقش ورد على لسان الفنان عاصم البنا الذي استغرب من أن يظل مطالباً بأن يعيش في جلباب لحقيبة فقط لأنه من آل البنا، وكم أعجبتني محاولته الجريئة والجميلة في أغنية «يا قمر» التي غيرت من النمط الذي اشتهر به عاصم، وهي محاولة مقدرة وشجاعة منه أن يطل بهذا الشكل الجديد رغم أنه قد يكون صادماً في البداية لمعجبيه ومحبيه، لكن بكثرة التكرار والتعود سيجد مساحة من المعجبين والمتابعين! في كل الأحوال فتحت سهران يا نيل الجرح ووضعت عليه الكثير من الديتول والمطهرات، لأنني أعتقد أن فتحه أفضل ألف مرة من قفله على ما فيه وتعاطي المسكنات وادعاء أنه لا شئ مؤلم. على فكرة الدكتور الفاتح حسين وضع يده على بيت القصيد وهو يشير إلى جزئية الإنتاج ورأس المال باعتبار أن سوق الكاسيت نفسه أصبح صناعة تحتاج إلى أموال وإدارة وتخطيط وتسويق. أنا شخصياً استمتعت جداً بهذه السهرة المثمرة التي أفسدها بمداخلاته غير المنطقية أخونا «الشاعر» المستضاف الذي حاول أن يفرغ السهرة من محتواها الحقيقي بالدخول في مغالطات وإشارات مؤكد لم تفت على فطنة المشاهد، وكأن الغناء السوداني عمره «عشرون عاماً فقط»، وأظن أنه كان مستفزاً للحد البعيد حينما وصف التجربة الغنائية السودانية بأنها لم تنضج أو تتضح إلا من خلال أغنيات أبو عركي ومصطفى سيد احمد حيث وصفها بأنه ده الغناء الحقيقي، وإن كنت ألوم الأخ سعد الدين بأن جعل مثل هذه الأوصاف تمر دون أن يدخل في نقاش مع قائلها على الأقل طالما أنه يجلس في مقعد القيادة لمداخل الحلقة، خاصة وأخونا الشاعر اتضحت لي «الايدولوجية» التي يرتكز عليها في حديثه الذي لم يخدم القضية التي جاء من أجلها. { كلمة عزيزة في حديثه للزميل داؤود مصطفى في الزميلة حبيب البلد قال الأستاذ زيدان ابراهيم انه بصدد إعادة غناء الكثير من الأعمال لزملائه من الفنانين الكبار، ولحدي هنا ما في مشكلة، لكن انتظروا الجاي ورا، فقد قال الفنان الكبير إنه ليس مثل الفنانين الشباب الذين يغنون أعمال غيرهم من أجل التكسب المادي، ودي دايره ليها فهّامة وتحتمل تفسيرين، الأول أن زيدان سيغني هذه الأعمال في بيتهم ومع نفسه لأن ظهوره في أي برنامج تلفزيوني أو إذاعي أو على خشبة المسرح أو في بيت العرس فهذا يعني أنه «قابض» وبالتالي هو قد تكسب من هذه الأغنيات حتى لو حشرها حشراً بين فواصل كثيرة، والتفسير الثاني أن زيدان يطالب الفنانين الشباب أن يغنوا أغنيات غيرهم في «الخلاء» بدون جمهور أو سامعين، أو الواحد يقول لأهل المناسبة اخصموا مني 50% من العداد لأني حا أغني أغنيتين ثلاثة ما حقاتي. يا جماعة الأولاد ديل معظمهم يؤدي أداءً حلواً وجميلاً ينعش الذاكرة ويجدد الدماء في هذه الأعمال لتحيا وتبقى، أما الكبار فيكفي أداء بعضهم ليلة تكريم عثمان حسين في قاعة الصداقة، لأنه لو كان ده طه وللا حسين الصادق كان «اتشنق» في ميدان عام. { كلمة أعز أين فيديو كليب «الوحدة» لجمال فرفور الذي ليس له أثر أو حس وده وقته وأوانه!!