ü من أجل جندي إسرائيليّ وحيد، تمّ أسره من قبل المقاومة الفلسطينية، تكبّدت إسرائيل خسائر فادحة، من أجل قطرة دم واحدة، تنهض الشعوب والحكومات وتثور منظمات المجتمع المدنيّ.. لأن الإنسان في الغرب أغلى من كل شيء على ظهر البسيطة، والإنسان في العالم الإسلامي، والإفريقي، والعربي، (أبخس) من كيلو الموز.. وفي هذا البلد المرزوء بالفتن والحروبات والصراعات، يقتل (41) مواطناً، ويتم جرح (16) آخرين في يوم واحد، احتفت الصحف الصادرة أمس بخبر الموت، وعدد القتلى والجرحى، وبعض الصحف (تجمع) الجرحى والقتلى حتى (تكبر) العدد، وتجذب القارئ، وأخبار الموت السيّئة يتم الاحتفاء بها، وأخبار المولودين في صفحات المنوعات!! ü لو مات واحد وأربعون أمريكياً في يوم واحد، لذهب نصف حكام العالم العربي للبيت الأبيض؛ لتقديم العزاء للأمريكان في مصابهم، وذهب النصف الآخر من حكام العرب للسفارة الأمريكية، ولو مات (41) من الألمان في حادثة سير، لقطار أو حافلة نقل لأعلنت ألمانيا الحداد لمدة 3 أيام، وتقدم وزير باستقالته، واستدعى البرلمان رئيس الحكومة، وقرر حزمة تدابير، ولكن الواحد والأربعين من الأنفس المسلمة، التي أزهقت من السودانيّين. والسودانيّون أصبحوا خشوم بيوت، إذا مات بعضهم بسبب الحرّ أو الأمطار، اتّهمت الحكومة من قبل المنظمات المراقبة للأوضاع السودانية، وأصدرت القوات الأممية التي تجوب بلادنا، من الغرب حتى الجنوب، بيانات حول الحادثة!! ü لكن القتلى من (المسيرية والرزيقات) هؤلاء دماؤهم لا بواكي عليها، من قبل الدول الغربية أو المنظمات الطوعية أو القوات الأممية، ولم تذرف الحكومة حتى اليوم دمعة على قتلى الرزيقات والمسيرية!!. ü إذا اهتمت الحكومة بالحادثة، أو ذرفت عليها دمعة واحدة، ربما يتعزز الاتهام القديم بأن حكومة الخرطوم أكثر اهتماماً بالعرب في دارفور، لذلك بدأت الحكومة حريصة على النأي بنفسها من حشر أنفها في شهر، ليس لها فيه (نفقة) فلماذا تحصي أيام هذا الشهر.. دعهم يتقاتلون حتى يثبت للعالم الخارجي بأن النزاعات في دارفور ليست صراعات بين العرب والزرقة.. هناك نزاعات بين العرب والعرب ونزاع (المسيرية الرزيقات) يقف دليلاً، وشاهد إثبات على ذلك، كما أن هناك نزاعات بين (زرقة وزرقة) مثل نزاع (الفور والزغاوة). ü إذا كانت ضغوط الخارج قد جعلت الحكومة تتخلّى عن مسؤولياتها الأخلاقية تجاه مواطنين منحوها أصواتهم، بطيب خاطر، وأمل مرتجى، وعشم في أن تمنحهم مجرد (نظرة)، ولكنها لم تفعل، فأين منظمات المجتمع المدني السوداني مما حدث من نزاع دامٍ، وقتال عنيف، بين المسيرية والرزيقات في دارفور؟؟ لماذا هذا الصمت، الذي يرقى لحدّ تواطؤ المنظمات الوطنية من القتل.. لم تصدر منظمة سودانية واحدة بياناً للرأي العام حول الأحداث، ودفنت مجالس شورى قبائل الرزيقات والمسيريّة رؤوسها في الرمال، وهي مجالس تدعي الحكمة الغائبة الآن عن قيادة القبيلتين، مما أدى لهذا النزاع الدامي؟؟ ü أين دور حكومة جنوب دارفور، والتي ربما لم تؤدِّ القسم بعد؟؟ ولكن أين دور والي جنوب دارفور، عبد الحميد موسى كاشا، الذي انتخب من أجل حلّ مثل هذه النزاعات، التي تدمي القلب، وتمزق أحشاء الإنسان سليم الفطرة والوجدان، أما المتصالحين مع الموت، أينما كان، وكيفما وقع، فهؤلاء لن تهتزّ لهم شعرة من أجسادهم لموت 41 ضحية، وجرح 16 آخرين.