سعادة السفير... عفيفي عبد الوهاب.. لك الود.. والاحترام.. ثم التحايا والسلام.. يحزنني أن تكون أول رسالة لك... متدثرة بالحزن.. متسربلة بالأسى.. تنزف وترعف دماً.. كم كنت أتمنى.. أن أكتب لك.. والأفراح.. تأتلق.. وتتألق... وتتأنق.. في وادي النيل... العظيم... ولكن.. ها هي الرياح.. تعصف.. بزورقنا الذي تتقاذفه أمواج هائلة من الأنواء مازال طعمها في حلقي.. حنظلاً مراً كالزقوم.. حزين على هزيمة.. المنتخب المصري الذي كنت أحلم بأن أراه.. فرس رهان لا يكبو ولا يخيب في أرض مانديلا في جوها نسبرج.. نعم كنت أحلم.. وأتمنى أن يرفرف العلم المصري الغالي.. هناك وسط الأعلام.. بل.. أعلى من كل الأعلام المنتصرة... وهي تتمايل.. بل ترقص وتصفق مع دفقات الريح.. دخلت (الإستاد) وكانت تحملني أشواق لا تفتر.. لعناق الأحبة اللاعبين.. بعد أن يسجلوا نصراً يسعدني ويبهجني.. ويفرحني.. ثم تنتاشني سهام الهزيمة.. والفجيعة لأغرق.. في بحار الأسى.. وأعوم.. في أنهر الدموع.. الهاطلة كالمطر.. حزناً على حلم ضاع.. وأمنية استشهدت وفرحة ماتت في الصدور.. وابتسامة أغتيلت في الثغور.. لا يهم .. كذا هو حال التنافس الرياضي.. ولكني قد خرجت من الإستاد يظللني الأسى.. ويدثرني الحزن.. ويفجعني غياب أم الدنيا.. عن عرس كل الدنيا.. ويا لبؤس عرس في قلب أفريقيا تغيب عنه مصر.. في جلد الفرسان تحاملت على نفسي.. وإن كانت الهزيمة قد أدمتني وأوجعتني.. سيادة السفير... نعم أنا (مجروح مرتين)... مرة.. وسهم قاتل ينتاش مرمى مصر.. وسهام.. دامية. تحاول عبثاً... أن تنتاش جسد وادي النيل.. وتلك هي الهزيمة القاسية.. والتي لم استطع معها صبراً ولا احتمالاً.. حزنت حد الوجع.. وإخوة أعزاء... بل أشقاء من شمال الوادي من قلب مصر ناصر... مصر أكتوبر .. مصر محفوظ.. مصر كوكب الشرق... مصر عرابي... مصر الأهرام.. يفرغون موجات غضب هائلة... في وجه السودان... حزنت حد الوجع.. وأشقاء يحملون السودان.. كل الهزيمة.. حزنت وإبراهيم حجازي يعد في مهارة.. منصة شاهقة لتنطلق منها صواريخ طائشة تجاه السودان.. أيضاً هذا لا يهم.. المهم أن جل.. إن لم أقل كل الشعب المصري... كان بعيداً عن هذا التهريج.. والسباب.. والتلفيق.. وهنا نحني قاماتنا.. للقامة السامقة المبهرة.. المبدعة فردوس عبد الحميد.. وهنا نمشي حفاة وفي خشوع... أمام.. شوبير الذي انتصر... للجغرافيا والتاريخ... ويا بؤس من يعاند الجغرافيا والتاريخ.. ثم.. دعنا نؤكد لك سعادة السفير.. أننا نحمل لمصر... حباً جازماً.. طاغياً شاسعاً لا نقبل فيه خدشاً.. أو حتى أي مساس.. وليعلم الأحبة في شمال الوادي.. أولئك الذين وقعوا ضحية معلومات خاطئة.. أننا قد فعلنا الذي نستطيع وذاك الذي لا نستطيع.. لتكون أرضنا جديرة.. بأن تكون محطة أنظار الكون.. ورقعة طافت حولها القلوب... وإن تمنينا صادقين.. لو كانت محطة قطار الفراعنة وهو ينطلق نحو (الكيب).. وللذين لا يعملون... إننا قد أغلقنا شارع النيل... الذي ما أغلق يوماً... منذ إنشائه وحتى اليوم.. ثم أعلنا يوم المباراة يوم عطلة للمدارس.. احتفاءً بالحدث التاريخي الفريد.. وأوقفنا دوام العمل في كل دواوين الدولة منذ الواحدة ظهراً... مشاركة خالصة لبهجة عيد.. سيدي.. نرجو أن تطمئن.. وأن تنام ملء جفونك عن شواردها.. لأن علاقة مصر بالسودان... علاقة عصية على التمزيق... عنيدة على التفريق.. بعيدة عن عبث الأيدي... مهما كانت الأيدي.. ومن أي جهة امتدت.. إن عناق.. القاهرة والخرطوم... هو عناق الإخوة.. عناق التاريخ والجغرافيا.. كيف نغضب النيل.. وهو الذي يجري أبداً حاملاً.. حبنا.. وودنا. وسلاماً.. لكل أرض مصر.. لكل شعب مصر... لكل ذرة تراب في مصر... ولك الود أجزله.. تصويب: جمهورية أم درمان الديمقراطية الشعبية في ختام عمود الأمس.. كتبنا خطأ.. جمهورية السودان الديمقراطية الشعبية.. والصحيح الذي نعنيه هو جمهورية أم درمان الديمقراطية الشعبية. مؤمن