في أمسية يتثاءب على اعتابها الصمت ويمشي بين جنباتها الملل التقى الرجل الاحمق صديقه القديم وبعد السلام والترحاب فتح الاحمق ماسورة الهجوم على صديقه وهو من منسوبي مهنة المتاعب ووصفه بالزول المطرطش ووجه له تهمة صناعة الكلام ، أيوه صناعة الكلام ، وقبل ان تبرد حرارة هجومه ، تحنح الرجل أحم ... أحم ... كما يفعل الناس الكباريه وبرم شاربه المنتف وقال لصديقه الأحمق وهو يضغط على مخارج الحروف ( شنو يا زول ده انتا المطرطش ... ايوه انا بصنع الكلام فيها شنو يعني مش أنا شغال في مهنة المتاعب ) ، لكن صاحبه الأحمق واللئيم جدا في تلك اللحظة هاج وماج وقال بالحروف ( يا برود ... أعصابك يا بارد قصدي إنك بديت تمرق من طورك وتكتب كلام خارم بارم ) ، في تلك اللحظة بدأ الرجل يستعيد ملامح كتاباته من أقاصي الذاكرة المخرومة لكنه فشل في التعرف على مقصد صاحبه ، وعندها رفع صوته المشروخ وصاح فيه ( يا زول هووووي تقصد شنو بالكلام الخارم بارم ) ، المهم أخيرا بعد حراق الروح وضع الرجل الغضبان الموضوع على بلاطة ووجه كلامه نحو صاحبه ، وقال انه يستغرب جدا ان من كتب (عز المزار ) و(غربه ومطر ) و(وينك انتي الطال غيابك ) و(افتقدتك) و(خطبتها ) و(لما أشوفك بنشرح ) و(تسألني عن حالي) و(انت المهم) و( ابوي ) و(حبان قسايا نسو) و(كلما سألت عليك يقولو مشغوله) و(بريدك يلا غني معاي) و( زهرة السوسن ) وغيرها من نصوص غنائية تعيش في الذائقة الجمعية للناس بدأ يكتب اغنيات مصنوعه ، عندها ضحك الرجل المهني وقال لصاحبه الاحمق الغاضب الله يقطع إبليسك ، ( خلاص انتهيت من كلامك أسكت خلاص يا زول واديني فرصة اتكلم ) ، المهم الرجل أوجز كلامه بالمفيد المختصر وقال لصاحبه أنه يصنع اغنيات من صميم الواقع ويتشرف بذلك طالما انها بعيد عن خدش الذائقة ، إلى هنا إنتهى كلام صاحبي الأحمق مع صديقه القديم ، الآن دعوني اسأل والسؤال مشروع ، هل حينما كتب الراحل الكبير صلاح جاهين نص ( يا واد يا تقيل) الذي غنته سعاد حسني في فيلم ( خلي بالك من زوزو ) هل ان الإعلام المصري في تلك الايام هاج وماج ووصف نص يا واد يا تقيل بأنه كلام خارم بارم وهل حينما ترنم الراحل احمد زكي بأغنية (قزقز كاربوريا) في فيلم كابوريا تعرض للهجوم وهل أن محمد منير حينما غنى (نعناع الجنينة ) وصفت تلك الأغنية بأنها خارجة عن المألوف ؟، وحتى عندنا في السودان نجد ان اسطورة الكلمة الغنائية اسحاق الحلنقي كتب للبلابل في بداياتهن أغنية شايل المنقه كما ان الراحل طلال مداح سبق وان شدا بأغنية ( عملة مغشوشة )، وفنان العرب محمد عبده شدا بأغينة (ماكو فكة ) كل هذه الأغنيات تعيش في ذائقة المتلقّي العربي ولا نجد من إستل سيفه وأخرج ما في جعبته من مفردات للهجوم عليها خصوصا أنها من صميم الواقع ولاتخدش الذائقة وليس فيها أمور حسية من الطقوق لي فوق ، المهم الاحمق لم يقتنع بكلام صاحبه ولا زالت المعركة مستمرة .