وقبل التحايا.. لك الود.. وبعد التحايا.. لك خالص.. الدعاء.. منا.. بأن تضيء بروحك السمحة.. عتمة ليل الثقافة الطويل.. أن تنفض الرماد و«السكن» و«السجم» الذي طمر وجه الفنون والإبداع الجميل.. أما التحايا.. دعني.. استلف.. كلمات بطعم الصدق.. بلون الحق.. بطول شهادة الحق.. الذي نطق بها أو كتبها.. صديقي حبيب الروح.. زكي الفؤاد.. المقاتل.. الجسور.. الجريء حد التهور.. بل «المجنون عديل» أستاذي شبونة.. وهو يقول.. إن السموأل.. صنع.. وأسهم في التقانة.. ما لم تفعله الدولة.. وأنا أزيد.. فأنا مثله أيضاً «شقي ومجنون».. ولا يعجبني العجب.. ولا الصيام إلا في رمضان.. أزيد وأقول.. إنك.. وهذا ليس رياءً أو ملقاً.. أو انتظاراً لحاجة.. أو طمعاً في حتى نظرة.. أو تحية.. أو «عزومة».. أقول.. إنك قد صنعت في «اأروقة».. وبأروقة ما عجز عنه «إخوانك» طيلة عشرين سنة وتزيد.. ولا عجب.. فأنا مازلت عند رأيي.. أنك.. و«إخوانك» في الإنقاذ.. والحركة الإسلامية.. والمؤتمر الوطني.. نقيضان.. لا يجمع بينهما رابط.. أو وصال.. أو تواصل.. أو حتى وشيجة.. بل لا يربط بينهم.. خيط أوهى من خيوط العنكبوت.. وحتى لا أبدو متجنياً.. ولا هو حديث إفك وكذب وبهتان وافتراء.. أقول.. أنظر حولك.. وراجع «فعل إخوانك» لعشرين سنة وتزيد.. لترى عجباً.. في ذروة أعصارهم.. كانت الأناشيد والغناء.. والأهازيج.. هي.. إطعام أطفالنا.. و«شحنهم».. بأناشيد الموت.. والغناء.. فقد ضاعت «شوفو دنيتنا الجميلة».. و«انظر لتلك الشجرة».. و«نحن إن أشرق صبح نترك النوم ونصحو» ضاعت وسط.. «في إيدنا رشاش في إيدنا خنجر».. و«أنا ماشي نيالا.. أهي.. أهو.. أهي..»، ثم جاء مولانا الطيب.. «بستائره» الغريبة.. ليحجب إبداع «الدراما».. وفي عهده.. فقئت عيون «الشاشة».. عندما أغتيل برنامجه الرهيب.. «دراما».. ثم «تمت» الناقصة وطرد حتى من التلفزيون.. وماذا كانت المحصلة لذلك.. أولاً نهضت شامخة.. شائكة.. هائلة ولكنها ظليلة «شجرة الزهاجة».. ثانياً ولأن الفيزياء لا تعرف الفراغ.. فقد اندفع شبابنا «بنات وأولاد».. بكلياتهم الى.. الفن العربي الراقص الرخيص.. وصارت معاقل آمالهم ومحور أفكارهم.. وأفق حياتهم.. هيفاء وهبي وروبي.. وحسنى.. ثم اشتعل الحريق.. في الأفئدة والأرواح.. والصوالين والهولات.. والكل تجتاحه حمى.. مهند ونور.. وحتى عندما أفاق «أولادنا» من ذاك الجنون.. اشعلوا الوطن.. بهابط الغناء.. ومشت شائهة.. على دروب بلادنا.. قنبلة.. والمسدسات.. وسنتر الخرطوم.. ولا أحدثك ولا تحدثني عن المسرح.. ذاك الذي ينعق فيه البوم.. ولا أحدثك ولا تحدثني عن «أفلام الشنطة» المستوردة من «دلهي».. و«مدراس» وبؤس التمثيل.. وسذاجة الموضوع.. و«هيافة» السينما.. هذا هو الحصاد.. حتى جئت أنت.. يا مبدع.. يا رصين.. فكانت «أروقة».. وكان مهرجان سحر القوافي.. التي.. نقبت في صبر دون كلل.. في منجم الوطن الحافل.. بنفيس المعادن.. فخرج منها للعلن وفي الضوء.. وتحت هالات النور.. دفقة من الشعراء الشباب.. الذين أدهشوا الناس.. حتى جئت أنت.. لتدور عجلات ماكينات الطباعة وهي.. «تلد» صفاً طويلاً من كتب المبدعين.. حتى جئت أنت.. وجاء معك مهرجان ميلاد الأغنيات.. كل ذلك.. غير برنامجك الجميل.. مصابيح الهدى.. الذي لوّن وضمّخ بالشذى العطري أثير ساهرون.. فكانت حلقاته.. كلها.. صفحات من المتعة والثقافة والمعلومة.. والطرفة والشعر.. وكل ضرب من ضروب العلم والفن النبيل.. أقول.. وأنا شاهد من أهلها.. إن كل حلقاته.. كانت لحظات إمتاع.. وإشباع.. ما عدا سهرة واحدة أو حلقة واحدة.. جنحت بمركب البرنامج.. حتى «وحلت» في الطين واحتجزتها الصخور.. تلك التي كانت إبان وأوان الانتخابات.. وضيفك والذي هو على رأس مؤسسة تزكية المجتمع.. يحيل برنامجك.. الى سياسة.. «ناشفة».. مملة ورتيبة.. وليته اكتفى بذلك.. فقد بلغت به «الهوشة» والانحياز للمؤتمر الوطني.. بأن وصف الانتخابات وانتصار المؤتمر الوطني.. بفتح مكة.. ووصفنا نحن بكفار قريش.. من فلول الأحزاب.. بل رفض حتى القول لنا.. اذهبوا فأنتم الطلقاء.. سيدي الوزير.. كنت قد وطنت نفسي على حلقتين فقط «ونسة» معك.. ولكني.. ولأن «الونسة» معك.. جميلة وبديعة.. أكتب أيضاً غداً.. لأريك ما نطلبه منك.. ثم لك ودي..