كان غيمة تظلل سماء الصحافة السودانية.. وكان قيمة في كتاب تاريخ السودان الحديث.. وكان اسماً وقلماً.. كان خليفة لعظماءالصحافة في بلادنا.. كان (أسطورة) وكان (وطن).. وكان الكثير.. وما أقسى كان وما أصعب استخدامها.. وما أحر وقعها على النفوس وحدها من بين كل رصيفاتها في مملكة الضاد. رحل سيد أحمد خليفة.. كنسمة صباح كانت تصابحنا دوماً بالعبارة الشهيرة (صباح الخير).. رحل الأستاذ، ولكن لن تطوى صفحات كتابه، لأنها ليست كصفحات الآخرين تطوى بمجرد الرحيل.. فهي صفحات فاحشة الثراء محتشدة بالعلم النافع.. عناوينها الظاهرة (الدين النصيحة).. وكم من نصيحة أهداها للسادة المسؤولين وكم عدل من حالٍ مائل. رحل سيدأحمد خليفة إلى أكرم جوار عند مليك مقتدر.. رؤوف رحيم بالعباد.. فنسأله سبحانه وتعالي أن يتقبله القبول الحسن، وأن يبدله وطناً خيراً من وطنه، وأهلاً خير من أهله.. وأن يثيبه عنا خير الجزاء، بما علم وقدم للوطن ولأهله من خير.. وأن يجعل ذلك صدقة جارية له إلى يوم يبعثون.. إنه على كل شئ قدير. هي الدنيا.. وهي سنة الحياة التي لن تتوقف لأحد، ولن تغير حالها لرحيل أحد، ولكنها تعلمنا ألا نقول إلا ما يرضي الله.. وأن الدنيا جسر عبور ومحطة ليس إلا.. وتعلمنا أن رحيل الأعزاء والكبار إنما هو إبتلاء في الصبر.. ينجح فيه من ينجح ويرسب من يرسب.. نسأل الله الصبر والنجاح في امتحان الإبتلاء لنا ولكل أسرة الفقيد الصغيرة والكبيرة، الممتدة علي طول البلاد وعرضها، من تلامذته وتلميذاته، وأنصار قلمه ومن كانوا ينتظرون تحيته الصباحية (صباح الخير). رحل سيد العارفين بأسرار الصحافة ومعبدي طريقها لنا، وللأجيال من بعدنا.. المحمود بسيرته وحسن سريرته.. خليفة العظماء.. ترك فينا بحوراً من أحزان لا سواحل لها.. ولكن نقول الحمد الله (إنا لله وإنا إليه راجعون).. ولا نملك غير التضرع للمولي عز وجل أن يرحمه وهو أرحم الراحمين، وأن يلهم كل من يعرفه الصبر وحسن العزاء . نعم نحن حزانى.. ولكن العزاء أنه لم يرحل كما رحل آخرون.. دون بسمة ولا بصمة في حياتنا.. العزاء أنه صاحب بصمات في حياتنا، وأنه ترك فينا سيرة عطرة وكتاباً فيه الكثير المفيد.. نسأل الله أن يجعله من أصحاب اليمين الذين يتلقون كتابهم باليمين. رحمة الله على الأستاذ سيد أحمد خليفة، وتعازينا الحارة للأخ عادل وأشقائه ولكل الزملاء.