يتطلب الوضع الاقتصادي في السودان العمل بكافة السبل لزيادة الدخل ليتوازن مع المنصرف.. فيتطاول البنيان «فتزداد الأوراق الخضراء»، باعتبار أن الاستثمار العقاري من أفضل وجوه الاستثمار! في الماضي كان أهل كل حي يعرف بعضهم الآخر معرفة أهل البيت الواحد.. واذا دخل ضيف غريب في أي بيت من البيوت لعرف الناس عنه كل شيء في أقل من ساعة!.. الآن بعد أن سدت البنايات العالية تيارات الهواء فجعلت التنفس صناعياً «بواسطة المراوح والمكيفات»، لم يعد كل سكان الحي يتعارفون.. بل ولا حتى سكان العمارة الواحدة!.. فظهرت الشقق المفروشة.. كبديل عن الفنادق الباهظة الثمن لقضاء شهر العسل للعرسان! لكن هل فعلاً يستأجر تلك الشقق العرسان بقسايم رسمية فقط وأسر محترمة أجبرتها الظروف؟.. وهل يتحرز أصحاب تلك الشقق من الوقوع في فخ المحتالين؟.. وهل يتأكد المؤجرون من هوية المستأجرين وشرعيتهم للبقاء مع بعض. إن هذا السودان الجميل كله قبيلة واحدة ولا يعدم المرء.. القادم من «طوكيو» أو «بارا».. أن يجد قريباً أو أهلاً أو صديقاً للإقامة عنده في شأن اضطره للمجيء للعاصمة.. فكثير ممن يستأجر تلك الشقق أفراد بحجة أنهم أغراب ولا أهل لهم.. الغريب في الأمر أن الأقارب يتوافدون على المستأجر الجديد خصوصاً الجنس اللطيف «لزوم صلة الأرحام وكده»، ونسبة لأن هذه الشقق تستأجر باليوم وبواسطة «السماسرة» في كثير من الأحيان، فلا مجال لإبرام عقود.. والتأكد من بطاقات الهوية.. والأسباب الداعية للإيجار! إن بعض أصحاب «القيم المدروشة»، يستأجرون تلك الشقق لممارسة كثير من السلوكيات المنحرفة والتي تصل أحياناً حد القتل، يشجعهم على ذلك عدم معرفة الناس بهم.. السرية والكتمان.. والخروج أو الهروب في الوقت المناسب والحمد لله أن هذه الظاهرة ليست عامة.. فكثير من أصحاب الشقق لهم ذمة وضمير.. وجل المستأجرين تكون ظروفهم فعلاً تستدعي ذلك. أحياناً تكون رغبة المستثمر في الكسب- والثقة في الناس موانع لعدم الاحتراز واتباع شروط الإيجار بعقد صحيح.. كما أنه لا يمكن مراقبة الشقق لمعرفة ما يدور بداخلها.. ولا يمكن أيضاً التأكد من كل داخل أو خارج منها. إن آخر ضحايا الشقق المفروشة كانوا.. أصحابها بعد أن استغلهم ضعاف النفوس.. واستعملوها كأوكار للجريمة مثل قضية عصابة العربات.. وتزوير العملة.. ومقتل الصائغ.. وظلت بعدها تلك الشقق «كالبيت الوقف»، تعاني النفوس الشريفة الإقامة فيها.. لذا يجب الحذر والمراقبة.. وتفعيل دور المحليات والأسر المجاورة في التبليغ عن كل الممارسات المشبوهة.. وتخير المستأجرين أسرة للعلاج.. عرسان بقسايم.. «أزواج بزواج مسيار»! وإياكم يا أصحاب الشقق المفروشة من ذوي القيم المدروشة! زاوية أخيرة: إن الذي يبني.. ويتعب.. يجب ألا يضارب في بورصة مشاريع وهمية لا تجلب له سوى الخسارة!