تلقيت في الفترة القريبة الماضية خطاباً رسمياً من الأستاذ العبيد أحمد مروح الأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية، يدعوني فيه لحضور اجتماع مع لجنة توثيق تاريخ الصحافة السودانية، وكانت اللجنة قد أقامت عدداً من الندوات، وورش العمل في إطار مشروعها التوثيقي الكبير لتاريخ الصحافة السودانية، اسهاماً في حفظ وإثراء ذاكرة الأمة، ومن ثم لبيت الدعوة للإجتماع الذي انعقد يوم 19 مايو المنصرم، بقاعة الإجتماعات بالمجلس. في البدء اتقدم بالشكر الجزيل للأستاذ العبيد أحمد مروح على الخطاب وعلى الدعوة، والشكر موصول للبرفيسور عبدالله حمدنا الله رئيس لجنة التوثيق، بقامته المعرفية الشاهقة، وهكذا استأذنكم ياصحابي في الدخول الى باحة لجنة توثيق تاريخ الصحافة السودانية، هذه اللجنة التي ظلت تعاني من يتم الكتابة عنها، رغم عراقتها وتاريخها الطويل، فقد ظهر أول تشكيل لها عام 1994م برئاسة الصحفي الجيل الراحل رحمي محمد سليمان، وعضوية كل من الأساتذة محمد الأمين محمد ناهد الفاضل الصادق عبدالرسول- علي عبدالرحمن، وعواطف عوض عضو ومقرر اللجنة وهي هنا بمثابة(ام العروس).. فالتحية لهذه الأستاذة المحترمة التي تنبض نشاطاً وحركة، والتحية موصولة للأستاذ محمد الأمين محمد، ريحانة المجلس والعضو السابق للجنة في تشكيلها الأول. أعود الى الاجتماع الذي دُعيت له، حيث تم تكليفي بكتابة ورقة عن الصحافة الاجتماعية القطاعية بالتركيز على المجلات الحكومية، لتقدم هذه الورقة في ورشة عمل ستنعقد لاحقاً بعنوان(توثيق تاريخ الصحافة الدينية والاجتماعية والثقافية في السودان)، وإمتثالاً لهذا التكليف شرعت على الفور في إعداد المطلوب مني واخترت للورقة عنوان:(دور الصحافة الاجتماعية في التنوير المجتمعي) وتشتمل الورقة على اربعة محاور هي مجلة الشباب والرياضة- مجلة الأمانة- مجلة القصر الجمهوري- مجلة الرعاية الاجتماعية.إن التوثيق لتاريخ الصحافة السودانية يمثل بالدرجة الأولى اثراءً لذاكرة الأمة، وقد ظل التوثيق يشغل بال المهتمين ردحاً من الزمان، الى أن تكونت لجنة التوثيق الأولى عام 1994م، ثم أعيد تشكيلها للدورة الثالثة الحالية في عام 1998م، ووضعت هذه اللجنة خطة عملها، وحددت أهدافها في رصد وجمع المعلومات، وتوثيق وجمع وحصر وطباعة الكتب والبحوث، التي تهتم بتاريخ الصحافة السودانية، وفي هذا السياق قامت اللجنة بكتابة خطابات للملحقيات الثقافية لجمع ماكتب عن تاريخ الصحافة السودانية.. ونسبة لعظم مسؤليات لجنة التوثيق واتساع وتشعب مهامها، قررت اللجنة أن تجتمع اسبوعياً، حيث عقدت (22) اجتماعاً، وعقدت العديد من الندوات وورش العمل، كما اتجهت اللجنة الى استكتاب ذوي الخبرة في المجال التوثيقي الصحفي، وأكثر من ذلك فإن اللجنة اتجهت الى توثيق صحافة وادي النيل، وتضع اللجنة عينيها على طباعة معجم للصحفيين، وتسعى لإقامة معرض دائم يعكس تاريخ الصحافة السودانية، وفي إطار جهود اللجنة فقد عملت على تصوير ونسخ بعض المجلات والكتب، التي لم تتوفر لها وهي مجلة الفجر(المجلد الأول والثاني والثالث)، ومجلة النهضة(الجزء الأول والثاني) الى جانب كتاب مذكرات أغبش للصحفي الراحل عبدالله رجب، ورسالة للماجستير أعدها الأستاذ صلاح محي الدين بعنوان:(دور الصحافة في الحركة الوطنية)، الى جانب كتاب(تاريخ الصحافة السودانية)للأستاذ صلاح عبداللطيف، ويرتفع سقف اهتمامات اللجنة الى آفاق وثائقية أرحب، حيث اجتهدت في جمع وحصر الكتب والرسائل العلمية المقدمة في الجامعات المختلفة، والمعاهد العليا، ودار الوثائق المركزية.. التحية لهذا الجهد العظيم الذي بذلته اللجنة ولعضويتها العظيمة، والتحية لرئيسها البروفيسور عبدالله حمدنا الله، وللأساتذة الأجلاء أعضاء اللجنة وفي مقدمتهم الصحفي المعتق الجميل الأستاذ عبدالله عبيد.. حوار (الفكي ابو نافورة)، وصاحب خطاوي سوداني في موسكو، وسوداني في الصين الشعبية، وبعض أطياف آخر و (عبيد الله) هذا يتكئ على رصيد هائل من الجمال والنضال، وتاريخ امتد من زمن الجبهة المعادية للإستعمار، وحتى زمن قلمه الآني الذي يشكل الجبهة المعادية للأسرار، فعبدالله عبيد اعتاد أن يغرس قلمه في كبد الحقيقة، حتى يسيل دم الأسرار وينفتح جرح (المسكوت عنه)، ويشتعل في(طرف الشارع) حريق الكلمة القنبلة.. التحية موصولة للصحفي الجميل الدكتور عبدالسلام محمد خير، هذا الإنسان الممتاز الذي يشعل الآن مصابيح الأناقة والجمال في عروستنا(آخر لحظة)، والتحية للأستاذ محمد سعيد محمد حسن عضو اللجنة، هذا الصحفي الكبير الأنيق في الكلام والهندام، والتحية لبقية العقد الفريد من أعضاء اللجنة الأستاذ الصديق محمد ابراهيم طاهر، هذا (الرطّاني) الفصيح والأستاذة أمال مينا هذه الصحفية الجميلة وهي احدى خريجات مدرسة (الأيام) على أيام كبيرنا الراحل الأستاذ بشير محمد سعيد هذه (الآمال) التي بدأت خطواتها في شوارع الصحافة، وشعرها الأصفر القصير يسيل ذهباً، علي جبينها الأشقر النبيل، واليوم أراها وشعرها قد شرب من ضوء القمر فغدا أبيضاً كغلالة المسح.. ساطع كألق المصابيح، والتحية موصولة للأستاذة زينب أزرق، والأستاذ مامون حسين شريف، والأستاذ عاطف علي، وفي آخر العقد الفريد يختلط القوس الموشى بنثار الذهب المطحون.. إنها(أم العروس) الأستاذة عواطف عوض عضو ومقرر اللجنة، وهي في نفس الوقت تشغل منصب مديرة إدارة الاحصاء والمعلومات والبحث بالمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحفية، والأستاذة عواطف وبحماستها الدافقة سواء في اللجنة أو المجلس تبدو دوماً وكأنها حديقة لأزهار البنفسج، تعطي رحيق البيانات والإحصاءات والمعلومات لكل الفراشات التي تدنو منها. عفواً ياصحابي لهذه الاستطالة في هذا الحديث الخاص عن هذه الشخصيات العظيمة، التي قلما يجود بها الدهر.. إنهم أعضاء لجنة توثيق تاريخ الصحافة السودانية ولعلي قصدت من هذه الاستطالة أن أوفي هولاء الأساتذة والإستاذات حقهم علينا، فقد درجنا هنا في بلدي على الإشادة بجلائل الأعمال، ونتغاضى عن اقدار الرجال الذين يصنعون تلك الأعمال. بقى القول: إنه ينبغي على كل الجهات ذات الصلة وذات القدرة على الدعم، مناصرة ومعاضدة هذه اللجنة، حتى يكتمل وجه القمر، ويصبح بدراً لينير طريق الباحثين، في بلاط صاحبة الجلالة.