في نهاية الأسبوع الماضي وبرفقة بعض من عضوية منظمة الهيئة الشعبية لتنمية دارفور، ومنظمة عافية سودان، وفرقة عقد الجلاد الغنائية شركاء مشروع نقرأ لعافية دارفور، مشروع المليون كتاب لسلام السودان، بالإضافة إلي شركاء التنفيذ بعثة الأممالمتحدة بالسودان- (يونميد)- ووزارة الثقافة والإعلام بولاية جنوب دارفور، وصلت هذه المجموعة إلي مدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور لتدشين دعم الكليات المتخصصة بجامعة نيالا، بخمسة عشر ألف كتاب هي أمهات المراجع العلمية للدارسين والباحثين، وثمة ما يستحق التأمل من خلال مرحلة تنفيذ إيصال الكتب للمستفيدين، إذ إننا وجدنا تجاوباًً كبيراً من القطاعات الرسمية والشعبية، لمشروع متفرد يحمل سمات التمدين وإحياء قيم المعرفة والعلم، التي هي الأساس لتنمية الإنسان المنتج، وأساس بناء المجتمع، ونهضة الوطن، وما يدعو للتأمل الرغبة الجامحة في إعادة المؤسسات الثقافية من مكتبات عامة، وجذب النشء للاضطلاع، بعد أن أصاب هذه المؤسسات الدمار الشامل بسبب الأوضاع الاستثنائية التي تمر بها ولايات دارفور، وفي غيابها تعقدت الأوضاع بسبب الظواهر السالبة التي ضربت المجتمع في ولايات دارفور، وما يحدث الآن في هذه الولاية يعتبر يقظة أصابت كبد الحقيقة في بدايات عهد جديد، يتخذ من إشاعة المعرفة وتمكين الثقافة والاضطلاع وسيلة لاستعادة التوازن الاجتماعي في السلام والتعايش، ووسيلة لإعادة الإعمار والتنمية لولايات دارفور. إن مشروع المليون كتاب الذي تم تدشينه بمدينة نيالا بواسطة منظمة الهيئة الشعبية لتنمية دارفور، ومنظمة عافية سودان، تطور بواسطة المجتمع المحلي المستفيد، فلم يعد المشروع لدعم جامعات دارفور والمكتبات العامة وإحياء مكتبة المدارس الثانوية، فقد تم اقرار مشروعات أخرى من بينها جمع الكتاب المدرسي لمرحلة الأساس، من خلال استنهاض المجتمع للمساهمة في تحقيق ذلك، وإقامة معارض للكتاب لتسهيل اقتناء الجمهور للمكتبات المنزلية، وإعادة المباني والمؤسسات الخاصة بالثقافة والاضطلاع، مثل المكتبة العامة لمدينة نيالا، والتي تحولت إلي كافتريا بعد نزعها من جهة الاختصاص.إن التجاوب والقناعة التي تلمسناها من القيادة السياسية والتنفيذية الجديدة لولاية جنوب دارفور، تجعلنا نتفاءل أن هذه الولاية سوف تشهد نهضة كبرى في الأيام القادمة، تجعلها في مقدمة ولايات السودان، وأنها سوف تتجاوز الأوضاع المعقدة التي تعيشها الآن، وهناك عدد من المؤشرات التي تدعم تفاؤلنا، فالحكومة الجديدة بقيادة الدكتور كاشا ومن خلال استعراض عضويتها من الوزراء ليس على مستوى ولايات دارفور الثلاث، إنما على مستوى ولايات السودان، فإنهم يتمتعون باعلى معايير الكفاءة والتخصص والخبرات المتراكمة والمهنية العالية.. هذه المعايير التي افتقدناها زمناً طويلاً من المؤكد إنها سوف تبني مؤسسات ولائية قوية مدركة لمتطلبات المرحلة، في مواجهة التحديات الماثلة، والخروج بالولاية من الأوضاع التي تعيشها. وكانت أولى بداياتها تجسير الثقة بينها وبين شعب الولاية، من خلال عدد من الاجراءات التي هدفت في مجملها إلي إعادة الاهتمام بأمن وسلامة المواطن، وتمتعه بحقوقه القانونية والدستورية، وبدأت بشريحة النازحين خاصة نازحي معسكر كُلمة الذائع الصيت، والانتقال بمجلس الوزراء لرئاسات المحليات، بغرض التواجد الميداني بين أهل الولاية لاستنهاض المجتمع وتحمل المسئولية مع الحكومة.. مسئولية الصراعات القبلية ومسئوليات الصدامات المتفرقة مع قوات العدل والمساواة، ومسئولية ضعف الخدمات الأساسية وانقطاع الكهرباء عن مدينة نيالا لمدة تتجاوز الشهرين. إن مشروع نقرأ لعافية دارفور مشروع المليون كتاب في محطته الثانية بعد مدينة الفاشر، وجد البيئة الخصبة في إجراءات حكومة ولاية جنوب دارفور التي أسندت وزارة الإعلام والثقافة لنائب الوالي، وانتقلت من وزارة خدمية إلي وزارة سيادية في المستوى الولائي، كما تم اسناد وزارة التربية والتعليم لأستاذ جامعي يتمتع بسند معلوماتي عن الأوضاع الحقيقية للعملية التربوية والتعليمية في الولاية، على خلفية عمله السابق أستاذاً وإدارياً بجامعة زالنجي لفترة طويلة، كما أبدت حكومة الولاية اهتماماًً مبكراً بمؤسسات الثقافة والإعلام، والسعي لتحسين بيئة العمل، وتوفير وسائل الحركة والاتصال، وصيانة المسارح مثل مسرح البحير، والسعي لاستعادة مباني المكتبة العامة، التي تمت مصادرتها لمشروع الكافتيريا.إن دور المنظمات الطوعية غير الحكومية هو دور مكمل لمجهودات الجهد الرسمي في التنمية والبناء، وهذا الدور يتعاظم لمصلحة الإنسان ومشاركة المجتمع في تنفيذ المشروعات من خلال تفهم شركاء العمل الإنساني والتنموي لدور كل شريك، وتكامل الجهود لتحقيق الأهداف المعلنة، ومشروع نقرأ لعافية دارفور مشروع المليون كتاب لسلام السودان، يمثل الأنموذج الحقيقي لتكامل الأدوار بين منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية. ولله الحمد