تعددت المبادرات التي يقودها الفنان طارق الأمين، وقبل أن يتوقف الثناء على مشروع عديل المدارس الذي أسهم في اعادة تأهيل وصيانة (10) مدارس بولاية الخرطوم, هاهو يكشف عن احتفالية خاصة بعيد الأم, بمشاركة العديد من الأمهات من مختلف أحياء ولاية الخرطوم, (منوعات الأحداث) جلست اليه ليحدثنا عن مبادراته المدهشة والنجاحات التي حققتها وإسهامها في العديد من الجوانب واستيعابها لمساهمات ومشاركة أبناء المناطق المختلفة التي جابوها, فماذا قال.. *تستعد غالبية الأسر للاحتفال بعيد الأم نريد التعرف على استعداداتك للاحتفال بهذه المناسبة وأنت صاحب بيت الفنون؟ أنا أكبر اخوتي.. علاقتي بوالدتي (حاجة بخيتة)عادية جداً كعلاقة أي ابن بوالدته, وهنا لابد لي أن أذكر شيئاً يتعلق بطقوسنا وعاداتنا التي نمارسها في مثل هذه الاحتفاليات، فهي تشابه الى حد كبير المجتمع الهندي الذي يعظم الأم ويجلها، واعتقد أن ما يجمع بين المجتمع السوداني والهندي أن أسرهما مترابطة عكس المجتمعات الأخرى أو الدول من حولهما , فروح الأسرة والجماعة متأصلة فينا كسودانيين كما أن مجتمعنا يعتز بالأم ويخصها بمكانة عظيمة, فعلى سبيل المثال عادة ما نحتفل في حي (الصحافة) منذ (13) سنة بعيد الأم، وهي احتفالية كبيرة تضم معظم (ناس الحلة), كنا قد بدأناه في المنزل إلا أن عدد المشاركين والحضور يزداد في كل عيد وانتقلنا إلى الشارع ومن ثم الى النادي وهذا العام سيكون في ميدان كبير جداً، وهنالك مجموعة كبيرة من الأمهات من مختلف مناطق العاصمة سنحتفي بهن وسيشاركن في هذه المناسبة السعيدة وأتمنى أن يكون احتفال هذا العام يليق بمكانة الأم بقدر مكانتها وعظم رسالتها الخالدة، ونحن الآن على أهبة الاستعداد لتقديم اغنية خاصة بهذه المناسبة العظيمة. * لماذا لا يكون الاحتفال في بيت الفنون؟ التفاعل مع الاحتفالية ورغبة الناس المتزايدة للمشاركة في هذه المناسبة أجبرتنا على اختيار احدى الساحات الكبيرة. وكم تمنيت نسبة لجلالة وعظمة المناسبة أن يكون الاحتفال في بيت الفنون لكنه لا يسع الكم الهائل من الأمهات القادمات من اماكن مختلفة لا يسعهن إلا ميدان كورة كبير، وأتمنى أن يكون السنة القادمة في استاد الخرطوم. *ولماذا الاحتفال الآن بهذا الشكل الموسع ؟ سبق واشرت إلى أنه كان احتفالا خاصا وصغيرا وتطور بفضل التجاوب الكبير، وهو تأكيد على مكانة الأم وعطائها اللامحدود لهذا أثرنا أن يشمل العديد من أمهاتنا بالعاصمة كتعبير بسيط بما قدمنه ويقدمنه الآن من حب ومودة, فهن جديرات بأن نحتفي بهن ونكرمهن في كل يوم وليس مجرد يوم واحد . *هل من برامج مصاحبة للاحتافالية؟ نعم, حيث سيتم تكريم بعض الامهات اللائي تفوق أبناؤهن, بالإضافة لبعض الفعاليات الفنية الأخرى التي ستتم خلال اليوم. *اذاً روح العمل الجماعي موجودة في قلبك منذ أمد بعيد هل هذا ما جعلك تفكر في مبادرات تحفز الناس للمشاركة في مشاريع مجتمعية تعود بالنفع على مجتمعاتهم؟ لم تكن فكرة «عديل المدارس» فكرتي بل هي فكرة الوالد الأمين عوض الحسن، وهو معلم قديم أفنى حياته في التعليم وهو رئيس مجلس الآباء في مدرسة الحي وعضو مجالس آباء في مدارس كثيرة للاولاد والبنات ومهتم جداً بترميم المدارس, ففي فترة ما بعد المعاش. وفي الذكرى السنوية لرحيله كنا نذهب الى المدرسة التي عمل فيها وفي صمت بالغ نحاول عمل شيء ما في المدرسة واعادة تأهيل ما يمكننا انجازه, الى أن تجاوب الناس معنا وعممت الفكرة وراجت بين الناس, وشكل المتطوعين من أهل الحي غالبية المتفاعلين مع الفكرة أما الآن فهنالك أكثر من (300) متطوع بعضهم موجود معنا هنا ومنهم المتابعون من خلال «فيس بوك» واخرون عبر البرنامج في التلفزيون ما يعني تجاوبهم معه وتفاعل الناس بمختلف فئاتهم دليل على أن النفير موجود في الشعب السوداني المعروف بحبه للعمل الجماعي والمساعدة في التنمية والتعمير, وقد أذهلنا نجاح التجربة الأولى بالتجاوب الشعبي من التلاميذ وأصدقاء الوالد ولم نخطط بأن يكون بشكل أسبوعي لكنه استمر بطلب من أهالي الأحياء المجاورة ببحري وأم درمان والانقاذ والشقيلاب . فكل الناس احساسهم واحد والكل على أهبة الاستعداد، وكأن الناس ينتظرون المبادرة، ولذلك اكرر ان النفير لم يكن فكرتي بل هي فكرة الوالد ومقاصده واضحة هي تقديم العون للمدارس حتى تكون بصورة تليق بالعملية التربوية. ومن خلال النفير اكتشفنا أن الشعب السوداني ما زال محباً للخير والنفير. *كيف بدأت مساهمة الشركات في النفير هل بدعوة منكم أم مبادرة منهم؟ هنالك بعض الشركات التي يعمل بها أصدقاء بيت الفنون والنفير وبشكل عفوي تحدثنا مع بعضهم فاستجابوا ورحبوا بالاسهام في المشروع واخرون لم نتحدث معهم بل اتصلوا بنا وعرضو علينا انضمامهم في مسيرة الإعمار. وقد تم العمل في المدارس ال(5) الأوائل بمجهوداتنا الفردية أما ال(5)الأخيرة فبادرت بعض الجهات بدعم العمل لاعادة تأهيلها. وأخص بالذكر والشكر( مجموعة دال وسيقا وشركة الهواء السائل السودانية)؛ لأنهم المبادرون والراعون للمشاركة. وقررنا التعاون معهم والاستمرار إلى أن أكملنا صيانة وتأهيل (10)مدارس بكل ما تحتاجه البيئة المدرسية من صرف صحي جيد ومسارح وفصول وتهوية جيدة. فكثيرمن المدارس وجدناها في أشد الحاجة لنقدم لها مساهمات فورية وعاجلة وهيأنا للتلاميذ فرصة أن يبقوا في المدارس حتى بعد نهاية اليوم الدراسي خاصة تلاميذ الصف الثامن وبمساعدة مجالس الآباء, كل ذلك رفع من أشواق الناس وتطلعاتهم للقيام بجولة اخرى خارج الخرطوم والإسهام في تغيير واقع المدارس في الولايات التي تحتاج للكثير. *هل وجهتم دعوة للفنانين التشكيليين المشاركين في النفير أم انخرطوا في العمل بمبادرة منهم؟ مشاركة التشكيليين كانت مميزة وانتهز الفرصة وأخص بالشكر اتحاد التشكيليين، وكذلك الأخت ايناس ابراهيم التي طورت معي فكرة النفير، وبدأت أول عملية رسم وتجميل في المدارس مما اعطى النفير شكلاً جمالياً وخلقت جواً جميلاً للتلاميذ؛ مما دفعهم للبقاء في المدارسة حتى بعد نهاية اليوم الدراسي، وازدادت رغبتهم في التعلم والتحصيل الاكاديمي بعد أن وجدوا المناخ الملائم. الانتقال لمدارس الولايات *نريد التعرف على مدى استعداداتكم للانتقال للولايات, والاسهام في تأهليها على نحو ما قمتم به في بعض مدارس العاصمة الخرطوم؟ مساهمتنا الأولى في الولايات كانت في تأسيس مدرسة صواردة تلبية لنداء الفنان الكبير الراحل محمد وردي، بالاضافة الى الربط بين عملية الفنون والتعليم، خاصة وأن الفنان والمعلم هم وجهان لعملة واحدة، وسنبدأ بالمدارس التي انجبت الفنانين، فصواردة انجبت محمد وردي، وودسلفاب انجبت مصطفى سيد أحمد، والعديد من المدارس التي انجبت الفنانين مثل محمد ميرغني وشرحبيل أحمد وقاسم ابوزيد وجعفر سعيد الريح الكاتب المعروف والكثير من المعلمين الذين ساهموا في تنمية الفنون، واعتبر أن كل المعلمين في مقام والدي الأمين عوض, وربط الفنون بالتعليم لا يحتاج الى بذل مجهود كبير لأنه بائن للعيان والمعلمين شريحة اضاءت شموع العلم في ظلام دامس وهذه فرصة لرد الجميل للمعلم. *هل كانت وفاة محمد وردي سبباً في أن تقدم مدرسة صواردة على بقية المدارس الولائية وأعني بذلك مدرسة المدينة عرب بولاية الجزيرة؟ مدرسة المدينة عرب واحدة من المدارس التي درس فيها الشاعر محجوب شريف ونريد أن نسعده ونساهم في ترميم المدرسة التي درس فيها باعتبار انه يهتم بالتعليم، إلا أننا اكتشفنا أنها كانت مدرسة متوسطة وتم الغاؤها إلا أننا لا نتركها سنذهب لها، وكذلك المدرسة التي درس فيها الوالد بالمديرية الشمالية ومدارس أخرى رداً لجميل الذين بادروا واحيوا فكرة النفير وكانوا حريصين بأن يستمر النفير لانه قدم الخير للناس وإحياء قيم التعاون والتكاتف. *من أين نبع شعار النفير(الفن من أجل التعليم) أم لايمانك بأن الفن والتعليم لا ينفصلان عن بعضهما كانت وراء ذلك؟ الفن من أجل التعليم؛ لأن للتعليم دين مستحق.. فالتعليم عندما يعطينا محمد وردي ومصطفى سيد أحمد وعددا من الفنانين وعشرات من المبدعين في هذا المجال على الفنون أن ترد الجميل للمعلمين ونقول الفن والتعليم يد واحدة من أجل تنمية المجتمع ورفاهيته وعمرانه. *ماذا يقول طارق الأمين في ختام حواره مع (منوعات الأحداث)؟ الشكر لكل الذين أسهموا في إنجاح النفير وبفضلهم أصبح «عديل المدارس» واقعاً ملموساً وإعاد الحياة للعديد منها واضحت أكثر ملاءمة للتحصيل الاكاديمي واداء دورها التربوي والتعليمي, كما أثني على كل المجموعات الأساسية التي أسهمت في أن يكون النفير علامة مضئية في مجال العمل الطوعي، والتأكيد على أن انسان هذا الوطن قادر على العطاء والبذل كلما سنحت له الفرصة وهُيئت له الظروف وهكذا نحن في السودان, والشكر لصحيفة الأحداث وللأخت رانيا.