على الرغم من الآليات والتدابير التي اتخذتها الحكومة للحد من ارتفاع الأسعار الذي شهدته السلع الأساسية وضربت على ضوئه موجة الغلاء مستلزمات الحياة اليومية كافة وسط حالة من عدم الاستقرار تشهدها الأسواق في وقت وصل فية معدل التضخم الاجمالي إلى (21,1)، وظلت موجة غلاء الأسعار التى اجتاحت كل الأسواق، وارتفاع الأسعار (سيد الموقف)، الأمر الذي أضطر المواطن البسيط إلى البحث عن بدائل لمواجهة غلاء المعيشة، وبالمقابل أيضاً لجأت الحكومة إلى التدخل لمحاربة الغلاء عبر قرارات، لكن الخبراء والمراقبين للواقع الاقتصادي والارتفاع الذي صاحب السلع الاساسية لايحتمل زيادة أكثر مما هو عليه، وفي الوقت الذي رهن فيه المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية زيادة الأجور برفع الدعم عن السلع وبعض المواد البترولية، انتقدت هذه الخطوة التي وصفوها بأنها غطاء لزيادة الأسعار خاصة في ظل الاحتكارية التي تحكم الأسواق؛ مما يؤدي إلى تدهور معيشة العاملين، مؤكدين عدم وجود دعم لهذه السلع في الواقع رغم تأكيدات الدولة بأنها تدعم المحروقات بما يعادل (6.5) ترليون في العام، قاطعين بعدم جدوى هذه الزيادة وفق الشروط التي تم تحديدها. وأمس الأول حذر برلمانيون الجهاز التنفيذي من اللجوء لرفع الدعم عن أي من السلع الاستيراتيجية والمحروقات في الوقت الحالي، وأكدوا مناهضة أي خطوة في الوقت الحالي، وقال بابكر محمد توم رئيس اللجنة الاقتصادية إن المرحلة التي تمر بها البلاد لاتحتاج لزيادات أو رفع الدعم من السلع، واعتبر التنفيذ الجاد للبرنامج الاسعافي وانزاله لكل الولايات المخرج الحقيقي. واضاف في تصريحات أمس الأول ان البرنامج يشجع الانتاج والمنتجين، اضافة إلى امكانية اعادة استقرار قطاع الاقتصاد حال تطبيقه بشكل علمي وسليم خاصة في مجال زيادة الصادرات واحلال الواردات. غير أن الخبير الاقتصادي؛ د.ميرغني بن عوف، يقول في حديثة ل(الأحداث) أمس إن الغلاء نتاج طبيعي لسياسات التحرير التى تبنتها الدولة لأكثر من عشرين عاما، وهذه السياسات بطبيعتها مع تقدم الاقتصاد فإنها تفرز اشكاليات في النشاط الاقتصادي في ظل تميزها بالاحتكار، حيث أن طبيعة هذه الأسواق تصاعد في مستويات الأسعار مما يفسر نظريا مسألة الغلاء في واقع الحال ارتفاع الاسعار خاصة للسلع الضرورية والذي يرتبط بجانب الانتاج. ويرى أن سياسات الدولة كما هو معروف لن تعطي اعتبارا للقطاعات الانتاجية الحقيقية أي المنتجة للغذاء كالزراعة والصناعة والثروة الحيوانية؛ مما أدى إلى تدهور الأداء الاقتصادي وانعكس ذلك على الغذاء وضعف مدخلات المادة الخام للقطاع الصناعي، وأضاف إن كل هذا الأداء السالب والمتغير مرتبط ارتباطا مع ما انتهجته الدولة من سياسات، مبينا أن الأسعار لها ما يبررها من التصاعد وبالتالي انعكس على كثير من السلع الضرورية؛ نسبة لارتباطها مع بعضها البعض. فالسياسات لاتحفز ولاتشجع على زيادة الانتاج؛ مما أدى إلى اختلال جانب الانتاج وانعكاسه على السوق من حيث ارتفاع السلع والخدمات، وقال: أما في جانب الطلب فهنالك طلب متزايد نتيجة للتدفقات السكانية إما من دول الجوار وإما من الولايات. وهذا التدفق السكاني يجعل زيادة الطلب تدفع الأسعار إلى أعلى، اضافة إلى بعض الدخول غير المتولدة داخليا والتي تأتي في شكل تحويلات عمالة للخارج؛ مما يؤدي إلى رفع القوة الشرائية بينما يقابل ذلك زيادة في الانتاج. في اشارة إلى لجوء الدولة إلى تمويل الموازنة من مصادر غير حقيقية كطباعة النقود، بجانب القطاع المصرفي الذي يمنح قروض دون أن تكون هنالك متابعة لاستخدامها في مجالات انتاجية؛ مما يؤدى إلى زيادة في الأسعار وخلق طلب، ويضيف اعتقد أن الخلل في أداء السوق مرتبط ارتباطا اساسيا بتقليص وانحسار دور الدولة وغيابها التام عن النشاط الاقتصادي. فتحرير السوق لايؤدى إلى استخدام الموارد بالكفاءة المطلوبة؛ لذلك لابد من تدخل الدولة للاستقرار الاقتصادي. وهذا ما ينعدم في البلاد. فالدولة تتنامى بصورة مستمرة دون أن تتدخل في محاربة مثل هذا الغلاء أو الحد منه، وقطع بأن الوضع الحالي لايحتمل زيادة أو نقصان في السلع، وعزا ذلك إلى الارتفاع الذي لازم السلع الاستيراتيجية والتي بدورها قادت إلى زيادات في سلع أخرى، مبينا أن رفع الدعم عنها سيقود إلى كارثة في الوضع الاقتصادي. وقال بروفيسور عصام بوب الخبير الإقتصادى إن مشكلة الارتفاع في أسعار السلع بصورة كبيرة جعلتها خارج متناول يد المستهلك تستدعي إيجاد حلول عملية لمشكلة الغلاء، مبينا أن رفع الدعم عن السلع يزيد من المشكله، مشيراً إلى أن التعاونيات من ضمن الحلول الأساسية لتوفير السلع بأسعار معقولة دون أعباء على المواطن . وأضاف بوب في حديثة ل(الأحداث) عودة التعاونيات حل من الحلول الممكنة لمحاربة الغلاء، يتطلب إعادة هيكلة إدارية لهذه الجمعيات التعاونية وللجهات التي تتحكم، خاصة وأن مواطن الخلل ما زالت موجودة بها وبالسياسات التى تضع لمحاربة الغلاء، ولم يحدث تغيير إداري حقيقي يدفعنا إلى إفتراض نجاحها. وطالب بوب بإعادة هيكلة الجمعيات التعاونية بالكامل لضمان انسياب السلع بأسعارتكلفة الانتاج وتوفيرالكميات الكافية من هذه السلع في الأسواق.