وضع القرار الرئاسي بنقل مباريات الدوري الممتاز الفضائية السودانية في مطب صعب، فطبيعة القرار السياسي فرضت سرعة التنفيذ دون مراعاة لإمكانيات القناة الفنية والبشرية، ولعل الكثيرين يعلمون أن نقل منافسة بحجم الدوري الممتاز تتطلب إعدادا مبكرا خاصة وأن الفضائية ليست قناة رياضية متخصصة يمكن أن تتقبل عملية النقل في أي وقت مثل الوضع الحالي للمنافسة التي مضى منها أربعة أسابيع كاملة وحتى القنوات الرياضية المتخصصة لا تعلن موافقتها على نقل الدوريات ما لم تضمن توافر شروط فنية وتقنية محددة مثل الإضاءة وأرضية الملاعب التي ستجرى عليها المباريات وغيرها من الشروط التي تضمن نقل صورة جيدة للمشاهد .. الفضائية السودانية تعاني ماليا وهو أمر معلن (مقروء ومسموع ومرئي) وأن تتكفل الحكومة بالجانب المالي في عملية نقل الدوري الممتاز لا يعني ذلك أن الأزمة قد حلت بالكامل لأن الصرف يكاد يكون يوميا ويتطلب كذلك الاستعانة بكوادر بشرية في مختلف المجالات المتعلقة بالبث التلفزيوني، خاصة وأن الخارطة الجغرافية تتطلب التواجد في عدد من الولايات (الغرب والشرق والشمال والوسط بجانب العاصمة) .. أبدت إدارة التلفزيون انفعالا واضحا بالحدث الكبير من خلال الخارطة البرامجية التي وضعتها للتغطية حوالي خمسة أو ستة برامج منها ثلاثة برامج لم يذكر اليوم المحدد لبثها حتى يتمكن جمهور المشاهدين من متابعته وهذا يعكس (الربكة) التي أخرجت أسماء لبرامج في الغالب هي حتى الآن مجرد أسماء يتم البحث عن فترات زمنية وأيام لإقحامها فيها، وهذا يعني من جانب آخر أن الانفعال الإداري انفعال إعلامي (اجتمعنا وقررنا) ثم يرسل الخبر لوسائل الإعلام وينشر فيعطي الإنطباع الأول أن هناك شيئا يتم إنجازه ولكن الحقيقة أننا لن نعرف حقيقية هذا الإنجاز في ظل الضبابية التي قدمت بها البرامج المخصصة للدوري الممتاز . ومن البرامج التي أوردها الخبر دون تحديد ليوم بثها برنامج (استديو الممتاز) وهو برنامج خاص بإحصائيات للأهداف والنتائج وموقف الفرق ودخل المباريات وما ينطبق عليه ينطبق على برنامج (أجمل الأهداف) وبرنامج (في المرمى) ولأننا لم نشاهد البرامج ولا نعرف عنها شيئا يصعب الحكم على المضمون ولكن تبقى (الربكة) الواضحة في تحديد اليوم والزمن للبث . أما أهم ما في موضوع نقل الدوري الممتاز عبر الفضائية السودانية ولا نعرف كيف سيتم التعامل معه هو الأستوديو التحليلي .. لأن المباريات المنقولة ليلا وهي تمثل النسبة الأكبر تبدأ الساعة الثامنة مساء وتنتهي قبل العاشرة بقليل وهذا التوقيت في الفضائية السودانية هو موعد النشرة الإخبارية المقدس وتجربة النقل السابقة تؤكد هذه القدسية لأن إدارة التلفزيون لم تفكر مجرد تفكير في أن المباريات ستنتهي بصافرة الحكم ولن يكون هناك أستوديو لتحليل شوط المباراة الثاني وحتى لا أجزم ربما فكرت ولكن الأولوية عندها لنشرة الأخبار الرئيسية كما يطلق عليها وليس للإستوديو التحليلي وهو الأرجح. المصيبة أن يتكرر السيناريو هذا الموسم أيضا وتفرض علينا النشرة المقدسة ويشاهد المتابعون للدوري الممتاز تحليل لشوط واحد .. وأرى أن الفضائية السودانية للخروج من هذا المأزق أمامها واحد من خيارين: إما أن تفرض شروطها على الاتحاد السوداني لكرة القدم باعتبارها القناة الناقلة حتى ولو كانت الأموال مدفوعة من الحكومة وتحدد موعد السابعة مساء مثلا لبث المباريات الملعوبة ليلا أو أن تتواضع وتتنازل عن نشرتها المقدسة وتقدمها من العاشرة إلى الحادية عشر مساء . وهذا يتطلب أن تكون الإدارة التلفزيونية أكثر انفتاحا وقدرة على قراءة الحدث الكبير الذي أصبح حصريا لها حتى لو وقع لها في (كرتلة) فقد آن الأوان لتخرج من كهف الروتين والبيروقراطية وتتعلم كيف تغير خارطتها البرامجية من أجل عيون منافسة جاءتها على طبق من ذهب بقرار رئاسي..