كلما التقيت سيدة سعودية، وسألتها عن أبنائها قالت: «الولد أعرس والبنت تدرس ماجستير». هذه أفضل عبارة لتوصيف الحالة التي آلت إليها فتياتنا في أحسن أحوالهن. الأرقام تقول إن هناك مليوناً ونصف المليون شابة لم تعرس، ومن بين كل ثلاث متزوجات تعود واحدة إلى بيت أهلها بعد أشهر مطلّقة، والطريق الوحيد أمامهن أن يدرسن الماجستير. ومن يعرس أخوها لا تحظى دائماً بفرصة دراسة الماجستير فيصبح البيت مقرها ومستودعها. كل الفتيات اللاتي تجاوزن العشرين تخرجن من الجامعة، وكلفت دراستهن ملايين الريالات، ينتهي بهن مطاف التنمية إلى البيت، وليس أمامهن سوى «حافز» الذي تقول أرقامه إن نسبة العاطلات المتقدمات إليه بطلب معونة بلغن مليون امرأة. هذا مجرد إحصاء أولي حاول يشكك فيه «حافز» بالقول إن معظمهن ربات بيوت، بينما الإحصاءات تقول إن نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل لا تتجاوز ثمانية في المئة، فكيف يستكثر «حافز» وجود مليون امرأة ترغب بالعمل ولا تجده؟ وأين ذهب ما بقي من قوة العمل النسائية التي تقذف بها الجامعات والمعاهد كل عام؟ وعلى من يريد أن يفكّر معي في هذا الأمر، أن يقيس حجم جامعة مثل جامعة الأميرة نورة، هذا غير بقية الجامعات، ليقدر كم سيبلغ عدد خريجاتها بعد عشر سنوات. ثلثا العاطلين من العمل نساء، لكن هذا ليس رأي وزير العمل الذي - على ما يبدو - روّعه الرقم، فقرر أن يلغيه معلناً أن نسبة البطالة في السعودية بلغت 10.5 في المئة فقط، والتي هي نسبة الذكور دون النساء، فكيف سقطت مليون عاطلة من العمل من حسبة الوزارة؟ ليست وزارة العمل وحدها من يسقط المرأة من حسبتها، فالمرأة سقطت من منحة الصندوق العقاري، بحجة أن زوجها سيقبض بدلاً منها، وسقطت من منح الأراضي بحجة أن زوجها سيحصل عليها بدلاً منها، ومعاشها التقاعدي بعد وفاتها يطير بحجة أن زوجها يقبض معاشاً عنها. طارت المرأة من كل الرعاية التنموية بحجة أن هناك من سينوب عنها، والمقصود غالباً هو الزوج. بنت اليوم اكتشفت أن كل شيء طار حتى الزوج. تغيّرت الحياة من حولهن، لكن شروط المجتمع التقليدية لم تتغير. لم تعد العمة تخطب ابنة أخيها ولا الخالة تفضل ابنة أختها، والزيجات تتوسّع بين العائلات في المدن، فأصبحت الفتاة هي الخاسر الأول في هذه المعادلة، الفتى تخطب له أمه، والفتاة تبقى في البيت لا يعرفها أحدٌ ولا تعرف أحداً. منذ سنوات اقترحوا عليهن القبول بالتعدد لكن موضة «المسيار» أفسدت المشروع، فالمسيار وفّر للرجال القادرين فرصة التمتع بالنساء بتكاليف أقل، بينما الشباب العاطل وذو الدخل المحدود لا يمتلك القدرة على واحدة فما بالك باثنتين. ولن يتحول الزواج في مجتمع سوي إلى مشروع خيري تطوعي. الحصول على زوج أصبح صعباً، والحصول على وظيفة أصبح أصعب، والحصول على «حافز» صعب. ألا تتوقعون أن يكره الذكور بعد كل هذا وجود الإناث في حياتهم بل قد تكره النساء أنفسهن.