أخذت رحلة الفن في السودان منذ أن عرف أهله معنى النغم الجميل تناول ثقافات مختلفة واستصحب الشعراء مفردات متنوعة شكلت إضافة وإرث عظيم لتاريخ الغناء في بلد عاش ولا يزال يرفل في نعيم الثقافات المتنوعة التي تتلاقى وتنسجم مع بعضها البعض في الوسط الفني ومع هذا التداخل لم ينسى أهل المغنى أن يتغنوا باللغة الأم وهي اللغة العربية الفصحى. استخدم أيضا شعراء الأغنية السودانية مفردات من اللغة العربية الفصحى في أشعارهم العامية وكانت إضافة حقيقية وقيمة كبيرة من قيم الفن السوداني... هنالك العديد من الأغنيات التي قدمها الفنانون باللغة العربية الفصحى ونذكر هنا أغنية الفنان عبد العزيز محمد داؤود (لحن صبابة) وهي من كلمات الشاعر الكبير حسين بازرعة وتقول في مطلعها: عجبا يقول الناس إنك هاجري وأنا الذي ذوبت فيك مشاعري سبحت باسمك والشجون سوامري حتى بكى قلبي بدمع محاجري أغنية أخرى صاغ كلماتها ذات الشاعر حسين بازرعة وتغنى بها الفنان عثمان حسين وهي أغنية (ليالي القمر) ويقول فيها: يا ليالي القمر يا ليالي الغرام طاب فيك السمر ما لعيني منام في ظلال الربا وضفاف الغدير حين يسري الصبا بالشذى والعبير نتساقى الهوى بقداح السرور الفنان الكبير عبد الكريم الكابلي تغنى أيضا بعدد من الأغنيات باللغة العربية الفصحى مثل (أغنية أراك عصي الدمع) للشاعر العربي أبي فراس الحمداني وأغنية (وأمطرت لؤلؤا) ليزيد بن معاوية والتي يأتي في مطلعها: نالت على يدها مالم تنله يدي نقشا على معصم أوهت به جلدي ومن الفنانين الذي تغنوا باللغة العربية الفصحى الفنان سيد خليفة الذي تغنى من كلمات الشاعر إدريس جماع (في ربيع الحب) وغيرها لإدريس جماع كما تغنى أيضا من كلمات الشاعر محمد يوسف موسى بأغنية (يا صوتها) التي يقول فيها: يا صوتها لما سرى مثل الحريرِ نعومةً ونداوةً .. وتكسُّرا مثل الصباحِ طلاقةً .. ورشاقةً وتبختُرا وهنالك أغنيات كثيرة في هذا الشأن لشعراء وفنانين من أجيال ومدارس فنية مختلفة إلا أن هذه اللونية من الأغنيات التي تعكس مدى الثقافة والفكر الذي كان يسود الوسط الفني في فترة من فترات تاريخ الغناء في هذه البلاد.