انسحبت أعلام (المريخ والهلال) وتركت مكانها طوعاً واختياراً لعلم السودان الذي اصبح في كل مكان وصبغت ألوانه الشوارع, الساحات, الميادين وصعد أيضاً على سطح المنازل وفوق المباني فيما استخدمت العربات (الملاكي والعامة) كسارية يتبارى اصحابها في وضع العلم رمز البلاد والانتصار لتحرير (هجليح) التي دفعت الخرطوم للخروج على بكرة أبيها في مظاهرات عفوية تعبيراً عن الحدث, وبالإضافة الى انتشاره في كل مكان ظهر علم السودان بأشكل مختلفة, ففي الوقت الذي حمل فيه المواطنون المشاة الاعلام الصغيرة على ايديهم يلوحون بها, ظهرت الاعلام الكبيرة على متن العربات الملاكي ومواعين النقل والمواصلات المختلفة, أما الاعلام المتوسطة الحجم فاحتلت مكانها فوق سطح المباني, وفي الميادين العامة والساحة الخضراء وحوش الخليفة بأم درمان تعانق علم السودان بأعلام الطرق الصوفية ورايات الجهاد المختلفة للتعبير عن التلاحم, وهذه المجموعة الكبيرة من الأعلام التي ظهرت في اليومين الماضيين كانت كفيلة بتحريك (سوق الأعلام) الذي كانت يسيطر عليه (الهلال والمريخ) اللذين يسيطران على الساحة الكروية منذ زمن طويل بفضل التفوق الجماهيري. ويعتبر شارع (1) العمارات بالخرطوم وشارع العرضة هما الرافدان الأساسيان لتغذية أسواق الاعلام في الخرطوم بالاضافة الى مواقع اخرى متفرقة ومتحركة ايضا, وعند الشارع الذي يقع غرب مباني اتحاد كرة القدم الجديد بالخرطوم (2) ينشط عدد من باعة الاعلام هذه الايام مع تغير رغبة الجماهير من أعلام الاندية الى علم السودان فانسحب الاول من سارية المحلات (الطبالي) وصعد الأخير بألوانه الأربعة (الاحمر, الابيض, الاسود, الاخضر) بدلاً عنه وعرض نفسه بأسعار تتراوح ما بين (3 الى 25) جنيها, وبعيداً عن القيمة يتدافع الناس نحو الشارع لاقتنائه, وعلى الرغم من المسافة الشاسعة بين الخرطوم (2) والعرضة بأم درمان إلا ان الوضع بينهما متقارب حيث توافد الكثيرون يبحثون في طول الشارع عن علم السودان بمختلف مقاساته باعتبار أن المنطقة معروفة بنشاطها في تجارة الأعلام والشعارات التي ترفرف فوق المحلات التجارية المتاخمة للشارع وجامعة الاحفاد, وتجذب بألوانها الرياضيين, ولكن الشارع الذي يمتد من سوق ليبيا الى عمق أم درمان (ميدان الخليفة) رفع علم السودان على جانبيه وكذلك فوق المركبات العامة وعربات الملاكي التي ارتفعت ابواقها الى جانب علم السودان احتفالاً بعودة هجليج الى حضن الوطن, ولكن هذا المشهد الوطني لم ينحصر في سوق (الأعلام) فقط وانما تمدد وشمل الغالبية من الشوارع الرئيسية والفرعية داخل حدود العاصمة بمدنها الثلاث (الخرطوم بحري, الخرطوم, أم درمان) وتجاوب معها الصغار والكبار, الرجال والنساء وكل الفعاليات الأخرى.