أجرى الحوار: هنري كوكويميكا أونيما في عامه الخامس والثلاثين بلغ اشيشوكوبيتر أميزوريك المعروف بأش بيتر أمز، المسؤول الرفيع في شركة مواصلات ABC النيجرية أوج شأوه، وارتقى القمة كأحد الكُتًّاب الرواد في حقبة ما بعد العسكرة. آخذين في الاعتبار التحديات التي يواجهها الكُتًّاب النيجيريون في سبيل إيصال اصواتهم, فقد أفلح أمز في إصدار أكثر من أربعة كتب وحصد العديد من الجوائز المحلية والعالمية, فضلاً عن مشاركاته ضمن البرامج الرفيعة المستوى مثل جائزة الكمنولث للقصة القصيرة، وبرنامج لوا للكتابة الإبداعية بالولايات المتحدة. تميز كتابه الأول وهو عبارة عن ديوان شعر مسمى «الظلام عبر الدلتا» والذي أكسبه شهرة باعتباره شاعراً متميزاً وذلك لما عكسه من التزام اجتماعي وما عبّر عنه من شرف الانتماء وايضاً لما توفر فيه من لغة قوية ومعبرة وشاعرية إبداعية. في لقائه هذا ب هنري. ك. اونيما يضفي الأستاذ أمز الذي تحول إلى صحفي حُر بعداً شاعرياً إبداعياً لمهنة الكتابة والقضايا الأخرى ذات الصلة بالمشهد الأدبي بنيجيريا. * كيف ومتى أصبحت كاتباً؟ حول الكيفية التي أصبحت بها كاتباً، لابُدّ من أن أعرج على حقبة نظام أباتشا المظلمة التي اتسمت بالكثير من الإضرابات والاضطرابات الأخرى، ولكن وخلال هذه الفترة التي أعتقد أنها في عام 1994م فقد عكفت على دراسة سونيتات شكسبير وأعماله الكاملة الكائنة بمكتبة الراحل عمي، وقد وجدت نفسي مندفعاً تجاه الشعر والأدب، لا أستطيع أن أتذكر بالتحديد متى بدأت الكتابة، ولكنني متأكد من أنني أصبحت مهتماً جداً بالكتابة في عام 2001م عندما نُشرت أولى قصائدي في صحيفة شامبيون اليومية. * كيف ومتى أصدرت أول كتاب؟ وما هي التحديات التي واجهتك؟ لقد صدر كتابي الأول في 2004م وهو عبارة عن ديوان شعر بعنوان «ظلام عبر الدلتا» وقد نشرته بمجهود ذاتي للأسف، وذلك ما اعتدنا عليه هنا في نيجيريا. أما التحديات التي واجهتها فهي مازالت نفس التحديات التي تواجه الكثير من الكُتًّاب النيجيريين حتى اليوم، وكما تعلم فإن صناعة النشر للكُتًّاب المبدعين تكاد تكون معدومة، وهي عملياً غير موجودة، إذ لا وجود لمؤسسات نشر، إضافة إلى قلة المحررين المحترفين، وغياب دور النشر الأدبية، في الحقيقة لا توجد بنية متكاملة تدعم وتسهل وتطور الكتابة الإبداعية في نيجيريا؛ على الرغم من أننا بدأنا للتو نشهد محاولات يقوم بها نفر من الناشرين الوطنيين، لكن لا تمثل تلك المجهودات سوى خربشة على السطح. * بِمَن مِنْ الكتاب النيجيريين وغير النيجيريين تأثرت؟ بالمؤثرات الأدبية فإنني أفترض أنك تعني الإنجازات الأدبية العظيمة، لست أسير مؤثر أدبى بعينه، وذلك لأنني مستوعب لكل ما هو جيد تقع عليه يداي، عما اذا كان أدباً خيالياً أم واقعياً، أو شعرا، أو مقالا. استجابة لنصيحة أحد الكتاب الذي أوصاني بالقراءة الواسعة والعميقة، فلقد تأثرت ببعض الكُتًّاب النيجيرين المعاصرين. * يبدو أنك مولع بكتابة القصة القصيرة وبأدب الأطفال، ماهي برأيك مقومات الكتابة للأطفال، وماهو الاستعداد الذي تتطلبه، وكيف يتأتى للمرء أن يلج هذا العالم، وأن يكتب ما يروق له؟ أتمنى أن أكون كذلك، ولكن الكتابه بالنسبة لي صراع ذو عدة أوجه، فهي فى أى جنس أو شكل عملٌ شاقٌ، وكذلك الحال بالنسبة لأدب الأطفال، الذي ستجدني منقسماً على نفسي إلى توجهين عندما يأتي الحديث عنه، على أي حال فإنني أعتقد أن الكتابه فن، وفي أحيان أخرى ما هي إلا عملية بحث دؤوب، وذلك ربما يعزى إلى ضرورة تحري الكاتب للدقة عند تنقيح مفردته حتى تصبح أكثر قبولاً وأقل نفوراً. بالنسبة لي، الكتابة للأطفال تتطلب الاهتمام والرغبة، لابُدّ أن تكون مهتماً بما فيه الكفاية بعالم الأطفال بغض النظر عن ما يبدو لك من بساطة وبراءه، وأن تلقي بنفسك في بحر عالمهم الخيالي الفنتازي، وأن تبتهج لأفكارهم ووجهات نظرهم في ذلك العالم. ففي هذا العالم الخيال يصبح أكثر أهمية من المنطق، فإذا أردت أن تكتب للأطفال فعليك أن تقرأ أدبهم كثيراً وأن تراقب تصرفاتهم عملياً، يكون مفيداً لك لو استدعيت بعضاً من ذكريات طفولتك عند صياغتك للحبكة والمشاهد عند كتابة قصتك. * هل تعتقد بأن كُتًّاب أدب الأطفال النيجيريين يحسنون صنعاً؟ ولما ليس لدينا كُتَّاب أدب أطفال نيجيريون على غرار جي كي رولنقز مؤلف سلسلة هاري بوتر أو الكاتب إنيد بليتون؟ إنني أرى أنهم يحسنون صنعاً، آخذين في الاعتبار ما يتعرض له الكُتًّاب النيجيريون من تعقيدات ببلدهم، فالتعقيدات والعقبات كُثر ولكنني من أين أبدأ؟ لا أعرف لمَ لا يكون لدينا كُتَّاب في مرتبة جي كي رولنقر أو بلايتون؟ كم عدد الكُتاب الذين هم في مرتبة رولنقر على أي حال؟ ما يجب عليك إدراكه ألا وهو أن لكل كاتب موضوعه وحلمه الذي يميزه عما سواه. * في عصرنا الحالي وفي ظل حقبة ما بعد العسكرة خفًّت شعلة نجاح الكُتًّاب النيجيريون في جائزة كين الأكثر حداثة ومعاصرةً، في حين بلغنا القائمة المختارة ولكننا لم نفلح في الفوز بأي من جوائز الكمنولث المتعددة، فهل ترى بذلك أننا قد خسرنا موقعنا؟ لا أرى أن الجوائز تجلب الاعتراف لقوة الأدب النيجيري، كوننا لم نحظَ بأي من جوائز كين أو جوائز الكمونولث فهذا لا يقدح في غنى الكتابة النيجيرية. فالشيء المهم الواجب ملاحظته هو تنامي موجة المد القوي للكُتًّاب النيجيرين الشباب اللائي يمارسون الكتابة الإبداعية بصورة أكثر حرصاً وتعبيرية، وهذا ما يرفع من روحي المعنوية كل يوم، وليست الجوائز كما يعتقد بعض الكُتًّاب. الجوائز نادراً ما تضفي حافزاً. * ما الأثر الذي تركه تذيلك القائمة في جائزة NLNG للآداب لعام 2007م على شخصك ومكانتك الأدبية؟ عندما ألقي نظرة لتلك الفترة، فإنني أشعر بالتفوق والتميز، نعم إنني أتشرف بأنه قد تم إدراجي ضمن القائمة المختارة جنباً إلى جنب مع مابل سيقن، وبروفيسور أكاشي اديمورا ازيقوبو، اللذان يعتبران من عظماء الأدب النيجيري، كان ذلك قبيل ستة أعوام بعدها قررت أن أمارس الكتابة على نحو أكثر جدية. * كُتًّاب نيجيريون معاصرون مثل جود ديبيا وشخصك لا يتورعون عن تناوال الموضوعات المحرمة في كتاباتهم، فالرواية الأولى للكاتب ديبيا «ظلال سائرة» عبارة عن كشف للشذوذ الجنسي وسط النيجيريين، ذات الشيء يمكن أن يقال ويسري على قصتك القصيرة «الليل الرطب» الصادرة عن دار فارافينا ضمن انطولوجيا القصة القصيرة لعام 2008م و»الهشاشة» الصادرة عن دار بنات حواء ضمن انطولوجيا القصة القصيرة لعام 2010م. هل أنت مدافع عن أدب المثليين في إطار الأدب النيجيري؟ إن ديبيا كاتب رواية رائع، وهو من الكُتًّاب القلائل اللائي أكن لهم احتراماً سببه الالتزام باحترافية مهنة الكتابة، بجانب ذلك فإنني أرى أنه يتعين على الكُتّاب التحرر من الرقابة الذاتية التي يفرضونها على أنفسهم حين يكتبون. فعلى كتابتنا أن تكون قادرة على إبراز قضايا تثير حراكاً وسط العامة والمجتمع ككل. *هل بإمكان الكاتب النيجيري العيش على الكتابة وحدها؟ أتمنى ذلك، ولكن الحقيقة تقول إنه حتى في الدول المتقدمة فالقليل من الكُتّاب يعيشون على الكتابة وحدها. * ما رأيك في صناعة النشر النيجيرية خاصةً فيما يتعلق بالجهود التي تبذلها الشركات مثل «جمهورية الكسافا» ومجموعات الكُتّاب مثل «كُتًّاب جلا»؟ في الحقيقة لا توجد صناعة نشر في نيجيريا، فإذا كان لدينا واحدة لما اضطررنا لاستصدار أعمالنا بأنفسنا، فالكثير من الكُتّاب الصاعدين القادمين لطالما نشروا أعمالهم عبر الناشرين التقليدين، ولكن أين هم الآن؟ فبرغم الجهود التي تبذلها دور نشر كل من بارافينا وجمهورية الكسافا المقُدرة الُمشجعة إلا أنها تظل بصيص أمل في هذا الظلام الحالك، فمجموعة كُتاب جالا ما زالت في بدياتها ولا تطمح في أن تملأ الفراغ الذي خلفه النشر التقليدي، لاسيما أنها التجمع الأول من نوعه في نيجيريا، ولا يسعنا إلا أن نثمن ذلك المجهود الذي بُذل. * ملاحظة شخصية: أنت متزوج فمتى وأين التقيت زوجتك؟ وكم من الأطفال لديك؟ أنا متزوج وسعيد بزواجي، فإذا رغبت في مزيد من التفاصيل الدقيقة فما عليك سوى الانتظار لحين صدور كتاب سيرتي الذاتية والتي أنوي كتابتها يوماً ما. * يشاع عن الكُتّاب تمحورهم حول ذواتهم، خاصةً عندما يسمو نجمهم الإبداعي، فكيف تتوافق أسرتك مع كتابتك؟ سواء كنت متزوجاً أم لا، فحين تبدأ في الكتابة فإنك لا تحتاج لأي شخص حولك، ولا حتى محبوبتك! حقاً إنه ليس سهلاً الكتابة بالمنزل حيث لديك طفلين من حولك كلاهما مشاغب ولديهما حب استطلاع. فها هي القصة القصيرة لكاتبها إقوني باريت والتي تعكس خبرة كاتبها. فزوجتي متفهمة جداً على كل حال حتى حين أكون غارقاً فى إحدى لحظات الاندياح. أحاول جاهداً التوصل إلى توازن بين زمن الكتابة وزمن الأسرة، فأنا عادةً ما أكتب عند الفجر. *لابد أن هناك جوانب أكثر جمالاً ووسامة لشاب مثلك من الكتابة، كيف تبدو حياتك الاجتماعية؟ هل يا ترى لدي أياً مما ذكرت؟ أعيش في أويري والتي يتصف طابع الحياة الاجتماعية بها بالأكل والشرب بالحانات، أتمنى لو كان لدينا مسارح ومنتزهات أو متاحف أو دور للسينما، ولكن هذه نيجيريا، وبالطبع لا تولي حكومتنا اهتماماً كبيراً بتلك الأشياء. إنه لشيء مثير أن يكون جل هم السلطة اكتناز الثروات، غير مهتمين بوسائل الترفيه وراحة ابناء بلدهم. وعلى ذكر الراحة فإنني أعتزم مشاهدة الكثير من الأفلام والاستماع للموسيقى والقراءة ما أمكن ذلك. * ما هو آخر كتاب قمت بتأليفه؟ وهل هو في المكتبات؟ آخر كتبي رواية للأطفال تحت عنوان «بطل الهروب» وهي تحكي قصة طفل يتيم في التاسعة من عمره هرب من دار الرعاية وانتهى به المطاف بين أيدي خاطفيه. مثلما أنني متحمس للقصص الخيالية الفنتازية، فأنا أحب كتابة قصص الأطفال التي تعطي صورةً لأوجه الحياة الحضرية بنيجيريا، أما بخصوص توزيع كتابي الأخير فتبذل مجموعة كُتًّاب جالا جهوداً حسيسه لكي ترى كل العناوين النور بما في ذلك الروايات الحديثه لكل من «اوديلي جبونو» و»اكاشي ابزقبو» و»ابيمبولا ادوني ادلاكن» و»جود ديبيا» وأن تتوفر في جميع المكتبات على امتداد البلاد. * بم تنصح الكُتًّاب الجُدد، وهل لديك مقترحات للحكومة المرتقبة حول دعم الإبداع الفني والأدبي بنيجيريا؟ نصيحتي للكُتًّاب الجدد بضرورة القراءة والكتابة، أما بالنسبة للحكومة فهم يعرفون ما يفعلون، فإحدى مشكلات نيجيريا في أننا جميعاً ندرك ما يتعين علينا فعله لتصلح أوضاعنا والجمعية الوطنية تحديداً. على الحكومة يقع عبء استعادة مشروع الكِتاب وابتدار وقف للآداب وإعادة الثقة في الكِتاب بتشكيل حملات للقراءة واستحداث منافسات تسري على المستوى الوطني، تبدأ من القاعدة إلى القمة، وإحياء اليوم الوطني للقراءة، وتعيين جائزة سنوية للشعر على قرار تلك البريطانية والأمريكية وخلافه، وبناء قرية للفنانين والأدباء المبتدئين وفقاً لمعطيات الجغرافيه السياسية. *ولد هنري في 1975م وتلقى تعليمه في جامعتي ايمو وليقوس وهو كاتب وأستاذ مقيم بلاغوس.