أعادني حديث السيد وزير المالية الأخير، وقبل يومين، بحوش المؤتمر الوطني، وهو يحدث عن معالجات وزارته، وحديث المدينة عن رفع دعم المحروقات، إلى تفحص شريحة المهاجرين، ووضعها تحت المجهر السياسي، وإلى ضرورة أن يعلم هؤلاء: أن العودة الطوعية للأقاليم باتت ضرورة؟ من بعد تعدي مبيت هؤلاء هنا، إلى ما فوق الثلاث ليالي، وهذا يقود إلي كلام الوالي (الخضر)، قبل عام، وهو يشير، وهذا من (حقه)، بأن كلامه الجاري: يجب أن يكون خارج التسجيل والنشر، ويتسرب الكلام، وشالو الكلام، وجابو الكلام، وزادوهو حبة، ليغدو مانشيت رئيس في صحيفة مقروءة، وكيف تصبر على ما لم تحط به (خبراً) ؟، وقد أشار لعدم المهنية في نشر كلام السيد الوالي، الزميل عثمان ميرغني، في حديث المدينة ساعتئذ، ومعه الحق المهني، وتسنده صفات العمل الطلوب، والمبرأ من العيب، وأحدهم وهو صديق، واسمه مصادفة عثمان، يسألني: هل الهجرة للعاصمة أفسدت صفو حياتهم؟ ويشير إلى موطنه تندلتي، ونقرأ قصة عثمان، وإطلاق البعض له من باب التندر، لقب (بوصة بوصة)، حيث أرسِل في صغره للمغلق، لجلب مسمار، اتنين بوصة، وعند وصوله المغلق كرر الوصف المُجمل، اتنين بوصة، مُفصل مرتين (بوصة بوصة)، ولم نجد له عزماً، فجرت التسمية، وفات على شأنيئه، أنه فصّل المجمل بذكاء شديد، كما فصّل ووصف الحال لاحقاً، فكان الموضوع، والتسمية جاءت تأكيداً للسخرية، والتهكم رغم علو كعب الرجل، خاصة بعد إفادته الأخيرة: بأن العلام، ويعني (العلم )، قد سرق سعادة حواء، وأضر بالبنات، خاصة عند ضرورة اختيار الشريك، وليس للأمر ثمة علاقة بنيفاشا، فقد إعتادت الأجيال السابقة من الفتيات، الجلوس بالمنازل، وانتظارالنصيب القادم لا محالة، ومن أسمائه السعد، وهو لمن لا يعرفه، أصل وقوام حياة حواء، وبه تكتمل الصورة، حواء القائمة بكل أعمال بيت الريف، من كنس وطبخ وغسيل، وتعهد لصغار وكبار تندلتي، دون كلل أو ملل، ولما لا ؟ فقد نشأت حواء الريف، في الزمان الجميل، وكانت في أحسن حال وصورة، فسرعان ما تتزوج، ولا يفرق الأزواج الأزواج، إلا الموت، ويتناسلن، وكل حول بي زول، والسماء مدرار، والمزارع ينعم بطيب العيش، والخير باسط، كان هذا طابع الحياة زمان، وسبب وقوع عين عثمان علي سلمى، وكان مقياس المفاضلة، أن فلانة ست بيت وزيادة، وهذه قيمة (مضافة) لحواء، راجياً ألا تتسرب الصورة (للضرائب)، ولكن بعد وفرة الجامعات، وتطلع بنات تندلتي للوساع، مما إضطرهن لركوب بص الأبيض، في اليوم الأسود، والحضور للخرطوم، وأكل الهامبرجر بدلاً عن عواسة الكسرة، العواسة التي دعا لها، السيد وزير المالية، وفهم كلامه في غير موضعه، وتسرب للجرائد، والعبيد يقول: إن بعض الصحف أضحت كناتين، ونقول: شقيش قول لي يامروح؟ نعود لتندلتي، والضيق بعد الوساع، والشاب عثمان وحكمته التي قالها: يا عم التعليم خرب على البنات حياتم، وتعني (حياتهن)، بلغة الضاد، وأن التعليم أصبح خصماً من سعادة حواء، بعد أكل الهمبرقر والتفسح في الجامعات، وشحن الموبايل، والتحدث بغير العربية، وأدى السلوك الجديد، أن تختار البنت زوج المستقبل، على عكس السابق، والنسي قديمو (تاه)، تاه هنا وهناك، مما دفع لتأخر سن الزواج، عند أغلبهن، وتردد سائر أبناء البيت، في خطوبة واحدة قبل أخذ موافقتها (هي)، في الأول، وقبل المجيء إلى والدها، حتى لا يفاجأ بحائط الصد، وأن المتقدم عثمان وفلتكان، دون حظوظ مواصفات ومقاييس البنت، مما دفع لتغير الحال، والمحل والجفاف، وتناقص المطر، وتراجع الفاصل المداري إلى جنوب (جودة)، وتأخر قطار الأبيض والزواج معاً، وسواد حظوظ حواء، رقم الأسفلت المطروح في الطريق، ما بين الخرطوم - تندلتي، ميل ميل، ياردة ياردة، وبوصة بوصة، وزنقة الصديق عثمان، ولا بديل لود البيت، إلا ود البيت، ويا عثمان كلامك في محلو، ولكن من بأمكانه أن يقول: عودوا إلى تندلتي يرحمكم الله؟ وشقيش قول لي يا مروح؟ ولنا عودة!