{ ما هو الزواج؟.. إذا سألت أي فتاة هذا السؤال أو سألتها عن مفهوم الزواج بالنسبة إليها فستجيبك تلقائياً ودون تفكير: «الزواج استقرار». وإذا عدت وسألتها: «وما هو الاستقرار؟!» تتلكأ وتتردد غير مدركة معنى الاستقرار، بل هي مجرد كلمة سمعتها وترددها من دون وعي. فإذا كان الزواج استقراراً، فهل يعني ذلك أن الفتيات لسنَ مستقرات في بيوت ذويهن؟ وهل هذا الاستقرار يعني الاستقرار العاطفي والمادي والروحي معاً؟ أم يعني نوعاً واحداً من الأنواع الثلاثة؟ وإذا كان الزواج استقراراً شاملاً؛ فلماذا تتنهد بعض الزوجات ويرددن: «والله لما كنت في بيت أبوي كنت مرتاااااحة!»؟ { إذن، الزواج ليس استقراراً، لأنه لو كان كذلك لما ظلت الفتاة بعد أن تتزوج تشعر بالخوف من احتمال أن يتزوج زوجها عليها، أو من أن يتعرف على فتيات أخريات ربما أطيب وأجمل وربات بيوت أكثر منها، ولما ظلت دائماً في شك وقلق وحيرة وعدم استقرار. { وربما تقصد الفتيات بالاستقرار، إشباع العاطفة، وفتح بيت، وإنجاب أبناء، وتكوين أسرة، واتخاذ شكل اجتماعي ثابت وناجح، ولكنهن في ذات الوقت يتهمن الرجال بأنهم جنس لا أمان له وعلى استعداد دائم للخيانة ونكران الجميل وعدم تقدير التضحيات والعطاء، لهذا فهم يزعزعون استقرار أية حياة زوجية، كونهم جنساً «نمرود» لا يملأ عينه إلا التراب. هذه هي الأسطوانة المشروخة التي نرددها جميعاً في عالم النساء، التي ما فتئت تتكرر منذ أقدم العصور. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا: «لو كان كل الرجال تماماً مثلما تدعي النساء، فلماذا تقتل المرأة نفسها كي تتزوج؟ ويظل شغلها الشاغل هو إيجاد عريس والسلام؟ وما دامت تجارب النساء مع الرجال بهذا السوء فلماذا لا يضربن عن الزواج ويرفضن جميع الرجال؟!». إذن المشكلة شائكة ومتداخلة، والجنس الناعم الحريص على هذا الجنس «النمرود» يشترك في تفجير الأزمة، وأنا لا أبرئ جميع النساء من تهمة زعزعة استقرار البيوت، كما لا أتهم جميع الرجال بها. فليس في الأرض ملائكة، وحتى الأزواج والزوجات المثاليين لديهم أخطاء وهفوات ولو صغيرة، ولكنها كافية لزعزعة الاستقرار ونسف الحب. { والمشكلة قد لا تكون موجودة أصلاً، وقد لا تحدث من الأساس لو التزم كلا الطرفين بالوضوح والصدق والقناعة والتنازل ومحاولة إرضاء الآخر وقبوله كما هو دون تغيير أو إضافة. وأحسب أن التزامنا هذا سيجنبنا العديد من المزالق، ويحمينا من الدخول في متاهات الحزن والقلق والخوف، وربما الفراق والطلاق. { وعلينا دائماً في سعينا نحو الاستقرار أن نتساءل: «ماذا يريد الزوجان من بعضهما البعض؟»، ولنعلم أننا كبشر في المقام الأول نريد النظافة الداخلية والخارجية، فعدم النظافة والروائح الكريهة من أهم أسباب التوتر والنفور ونشوب الخلافات الزوجية. كما أننا نحتاج إلى الشفافية والاهتمام والحنان والمعاملة الحسنة المحترمة والبشاشة والتفاهم، ونحتاج إلى الصدق والوفاء وتقدير الظروف والصبر على الأذى، ونحتاج أن نشعر دائماً بأننا رقم واحد في حياة شريك الحياة، وأننا الأجمل والأفضل، ونحتاج إلى بعض المحاولات لتقريب وجهات النظر وتقدير آرائنا واهتماماتنا وعدم تسفيه أفكارنا أو التقليل من شأنها، والتعامل الدائم معنا بإنسانية. { ويجب أن نتعامل مع الزواج على أساس أنه حقيقة أبدية، وليس على أساس أنه حالة مؤقتة تحتمل التغيير، ويجب أن يسعى الطرفان للعمل الجاد من أجل الدفع بهذا المشروع الاجتماعي نحو النجاح والاستقرار. وقبل كل هذا وذاك يجب على طرفيْ الزواج أن يخافا الله في جميع تصرفاتهما وسلوكهما ومعاملتهما، ويلتزما بتعاليم الزواج الشرعية قبل الالتزام برأي الناس والأهل، والحرص على الأبناء والاستقرار غير المستقر. { تلويح: كل الممالك شهدت نهايتها على سرير ناعم من النفاق، فلا تجعلوا له مكاناً في مملكة زواجكم.