إن من بين أكبر الإنجازات التي تحققت طيلة الفترة الماضية، هي ثورة التعليم العالي التي عبرها تمّ فتح جامعة في كل ولاية، وبعون الله فقد انتقلت التجربة من نجاح إلى نجاح في ظل تحديات كثيرة. وشأنها شأن كل من ينشد مقاربة الكمال لابد أن تعتريه العوارض وتظهر عليه بعض الآثار السالبة هنا وهناك وهذه دلالة النجاح وسنة كونية لا تلغي ولا تنقص الجهود العظيمة بشيء، بل تفتح باباً آخر على سلم الترقي والمعالجات وتسد الثغرات والذرائع. تمّ ذلك أثناء التحرك الكبير وفتح فرص التعليم العالي، مما اقتضى معالجة وتوزيع مئات الآلاف من الطلاب والطالبات وفق شروط إدارية وأكاديمية بحتة، لم يسعفها الزمن ولا العبء الملقى على عاتقها من ملاحظة أو رصد التداعيات، ولا وضع الأسس اللاحقة لمعالجة ما تفرزه التجربة، فتكونت مجموعة من المشاكل، وأطلت الى السطح من ظواهر سالبة ومظهر أصبح حديث القاصي والداني، بل تناوله الشارع بالهمز واللمز، وأشارت اليه الصحافة كثيراً، وأشفق الحادبون على الأخلاق والدين والعرف. ولأننا جميعاً نسعى لخير هذا الدين وننشد مصلحة الوطن والانسان، لعلنا نطرق بشدة على أمر خطير يتناول كيان الأمة وأعراض نسائها، في سقوط أخلاقي واجتماعي يتم بفعل فاعل من وراء الكواليس، بل ينذر بخطر عظيم وانفجار لا تحمد عواقبه ولا يفيد عندئذ فيه الندم. خاصة إذا ما نظرنا من ثقب الحقيقة الى ما يجري داخل وخارج جامعاتنا من سلوك هو حديث الناس حول الطالب الجامعي والطالبة. وهناك مشاكل الطلاب الذكور والإناث في الجامعات وهي كثيرة، والإدارات عموماً قد أعيتها الحيل وتوقفت أمامها الحلول، ولكن من يتصور حجم الخسارة وحجم تلك الحقيقة، من أن جامعاتنا قد أصبحت سوقاً للأفلام الفاضحة، وتناولها واستقبالها من (النت) وتوزيعها والترويج لها وسط الآخرين! وإن جامعاتنا أصبحت وكراً للمخدرات، بكل أنواعها بيعاً وشراءً وإدماناً! من يصدق أن جامعاتنا تنذر بإباحية في الجنس بكل انحرافاته. من يصدق أن جامعاتنا بارات خفية لبيع الخمور البلدية والمستوردة! ومن يصدق معدلات الإصابة العالية بمرض الأيدز وسط الطلاب والطالبات؟ ومن يصدق الحملات المسعورة للترويج للأفكار وسط شبابنا كتلك الحملات التي وصلت الدعوة لها لعبادة الشيطان حيث تجد الشيعة والقاديانية والبهائية مرتعاً خصباً في بيئة الغفلة وضعف الفكر والجهالة وروح الرفض التي يتمتع بها طلاب الجامعات؟. ولكن حالة الطالبات تجاوزت نقطة الخطر وهدمت جميع دفاعيات المجتمع السوداني، دينه وأخلاقه وعرفه في مسارعة تجاوزت كل تصور. ترتب على ذلك ظهور حالات كثيرة من إدمان المخدرات، بدءاً بالحشيش والأفيون والمارجيوانا وترتب على ذلك حالات الزنا والزواج العرفي في غياب الأسر المكلومة الفقيرة، والمجتمع المشغول وغياب الوازع الديني والرقابة والانضباط، مع ارتفاع في معدلات الفقر وتفسخ في الأخلاق واهتراء في المظهر الذي لا يرضي المسلم البسيط. وعلمنا أن حوالى ال80% من الطالبات يشتركن في الوضع الاجتماعي والفقر الذي يقود لمثل ذلك. تعددت حالات الحمل غير الشرعي، وإسقاط الأجنة في حمامات الداخليات! في ظل ظروف فوضوية ممعنة في السوء، مع وجود شقق وبيوتات يقوم عليها بعض الأشقياء من الطلبة والطالبات لممارسة الرذيلة، تستدرج فيها البنات الفقيرات في ظل غياب أشياء كثيرة. إن ما تم من جهود مقدرة في شأن التعليم كان يفترض أن يصب في مصلحة الطالبات، وترقية حياة المرأة السودانية المسلمة، لكن برزت خلال تلك الجهود الصورة القاتمة بكل ما فيها من عموم لم يشمل التفاصيل، ولكن لا يضيرنا حجم الظلام إذا ما وضعنا أيدينا وتشابكت لاحتواء الباطل، لقد جاء الوقت اليوم وليس الغد لنقتحم سوياً هذا السور السميك المغلق على المأساة لعلمنا أن الدولة وحدها لا تستطيع ولا نحن ولا أنتم منفردون ولكن يد الله مع الجماعة. وحتى نتمكن من حصار هذه المشاكل نقدم مقترحات الحلول التالية: 1/ النظر في أن يكون من شروط القبول لأي طالب وطالبة خارج ولايته ضمانات مالية من ولي الأمر أو والي الولاية أو أي شخصية اعتبارية لضمان كفالة الاعاشة والسكن والعلاج كما هو معمول به في كل أنحاء الدنيا. 2/ إعداد وتنفيذ برامج تربوية ودينية واجتماعية وصحية مكثفة لملء فراغ الطلاب والطالبات وذلك في داخل الجامعات والسكن. 3/ إحصاء طلاب وطالبات الولايات بالجامعات في الخرطوم وتصنيفهم من حيث الدراسات التي يتلقونها والكليات التي ينتسبون اليها، والنظر في معالجات عاجلة لإمكانية استيعابهم في ولايتهم حلاً لإشكالية الإعاشة والسكن التي أفرزت واقعاً مؤلماً. 4/ ربط أولياء أمور الطلاب والطالبات بإدارة الجامعة لايجاد آلية مشتركة، من أجل ايجاد بيئة دراسية آمنة ومستقرة لأبنائهم بغرض التحصيل الجيد. 5/ مجابهة كل الأفكار الهدامة التي تدعو للانحراف بين الطلاب والطالبات مثال إباحة زواج المتعة. 6/ حماية حرم الجامعات من كل أنواع التجمعات والمظاهر السالبة بالتنسيق مع شرطة أمن المجتمع وشرطة مكافحة المخدرات. 7/ التنسيق بين إدارة الصندوق والجامعات لإيجاد آلية تمكن إدارة الجامعات من متابعة طلابهم في السكن. 8/ التنسيق بين الأجهزة في مواقعها المختلفة إدارة وأساتذة وطلابا وإتحادا لتنفيذ البرامج التربوية والاجتماعية والثقافية التي تحافظ على أخلاق الطلاب وقيم المجتمع وشعارات الدولة الإسلامية. 9/ تفعيل اللوائح الداخلية للجامعات وإعادة النظر في بعض التطبيقات التي تدعو للاستفزاز ومقاومة الإصلاح. 11/ العمل على إشراك كل التنظيمات والجماعات الاسلامية الموجودة في الجامعات وخارجها لمحاربة الظواهر والأفكار السالبة في الجامعات في إطار مبادرة فكرية ثقافية تربوية شاملة. والله من وراء القصد أخوكم/ ناصح أمين