أسراب الشابات السودانيات .. تحقنني بالفرح في جانب .. وبالقلق في جانب آخر ! أفرح لأن حواء السودانية ولودة، وأن هؤلاء الأسراب هن أمهات الأجيال القادمة .. حيث يبقى السودان عامرا بأناسه، زاخرا بمواطنيه، هانئا بأبنائه القادمين من أصلاب الآباء والجدود، وأرحام الأمهات والجدات . كما أفرح أيضا، بأن نسبة الجمال عالية بين فتيات الحاضر، وهو جمال مقرون باحتشام واضح، وانضباط سلوكي غالب، وتفوق أكاديمي باهر .. يجعل حواء السودان في مكان مميز .. على مر الأجيال. إذن .. أولادنا سيكونون محظوظين مثلنا، فقد شهدنا جمال السودانيات وتفوقهن في مطلع شبابنا، ونبضت قلوبنا بالحب تجاههن، ودخلنا أعشاش الزوجية هانئين سعداء، لتأتي هذه الأجيال الجديدة من أسراب الحسان، وتتغذى الساحة بزهرات حلوات متعددات يواصلن المسيرة .. مع فرسان جدد .. فيستمر دولاب الحياة في دورانه الجميل. هذا هو الجانب المفرح في الموضوع، لكن الجانب الذي يثير القلق، هو كيف نأخذ بأيدي كل هؤلاء الزهرات لبر الأمان، وكيف نصل بهن إلى الزواج الهانئ الذي يجنبهن العنوسة ؟ الحمد لله أن الذكور ليسوا بأقل من الإناث، فالإحصاءات ما زالت تحمل هامشا من التفوق الذكوري في مواليد السودان، لكن تأخر سن الزواج لدى الشباب الذكور، سبب مقلق، وقد يضيع الفرصة على الفتيات تحديدا، فما زال المجتمع لا يكترث كثيرا بعمر العريس .. مثل اهتمامه الواضح بعمر العروس !! المجتمع القديم كان شديد الحنكة، وثاقب الرؤية، ولذلك ابتكر في زمانه حكمة (تغطية القدح) .. بتزويج الفتيات من أبناء عمومتهن، وضمان أن يتم ذلك في وقت مبكر، حتى يرى الآباء والأمهات أحفادهم، وكل ذلك يتم بأيسر التكاليف، ف (زيتنا في بيتنا) ! الدنيا تغيرت، ولم يعد مبدأ (تغطية القدح) مطبّقا إلا في القليل من الحالات، وقلوب الكثير من الشباب لم تعد مجبرة على التعلق بالقريبات، مثلما أن قلوب الكثير من الفتيات لم تعد مربوطة بابن العم أو القريب ! تأخر سن الزواج مشكلة .. والآباء لم يعد لهم السطوة في التزويج، فالفتى هو الذي يختار، والفتاة هي التي تختار، والاختيار (تكليف) ثقيل العبء .. مثلما هو (حرية) مستحقة لكل إنسان. يا ترى كيف نصل إلى حلول .. بحيث ترتبط احتفالات التخرج من الجامعات، باحتفالات رديفة بتزويج الخريجات والخريجين، لتبدأ الحياة الأسرية باكرا، ويهنأ أبناؤنا وبناتنا بالأبناء والأحفاد في أعمار مبكرة ؟ الإجابة صعبة، وتحتاج فزعة مجتمعية، وإلى أن نصل إليها .. انهجوا التيسير في كل شيء، وأبعدوا عن كل تسويف وتعقيد، فإن لم تفعلوا، عاد المجتمع مجبرا .. لتغطية الأقداح .. بكل اقتدار!