{ أعتقد أن قانون (حق الأداء العلني) الذي سيبدأ تنفيذه في يناير القادم الذي تتشكل ملامحه في استخلاص حقوق الشعراء والملحنين والمطربين من القنوات الفضائية والإذاعات القومية والخاصة أعتقد أنه سيكون المهدد الأول لانقراض واندثار الأغنية السودانية؛ إذ أن الحقوق المادية للبث تعدت الأجهزة الإعلامية الى البصات السفرية والفنادق الكبرى والكافتيريات التي تبث الغناء السوداني. { فإن كنا نتفق أن الأجهزة الإعلامية، من فضائيات أو إذاعات، تتكسب من هذا المنتج باعتبار أنه عامل جذب للإعلانات والمعلنين وبالتالي لأصحاب الحق فيه وهم أضلاعه الثلاثة «الشاعر والملحن والمطرب» لهم فيه حق أصيل «مادي وأدبي» فكيف لنا أن نبلع حكاية البصات السفرية واللواري والمطاعم وكل بلاد الدنيا تمارس ذات السلوك وهي تنشر أغنياتها وتراثها الغنائي عبر هذا الطريق الذي يعتبر إعلاماً مؤثراً لأنها قنوات شعبية وسياحية تمكن السمع من التقاط هذا المنتج واستمراريته وحتى ديمومته. { وعلى فكرة، ما أن تتوقف الأماكن العامة، سياحية كانت أو تجارية، عن تعاطي الأغنية السودانية إلا وستنفتح علينا شلالات من الغناء الوافد عربياً كان أو أجنبياً بكافة ألوانه وأشكاله وسيجد الجيل القادم نفسه محصوراً في شكل من الطرب سيتعاطاه غصباً عنه طالما هو المتوفر لديه كماً وكيفاً وبعدها لن نلوم أحداً إن حفظ أغنيات هيفاء أو نانسي عجرم أو حمادة هلال طالما أن المطرب السوداني وبقية طاقم العمل الفني اختاروا ألاّ يسمعهم أحد إلا بعد أن يدفع لهم صباح مساء مقابل لكل كلمة كتبوها أو لكل سطر موسيقي رسموا تفاصيله. { أنا بجد غير متحاملة على أهداف الجمعية لكن الطرح الذي تتبناه بمثل هذا التعسف طرح يهدد الأغنية السودانية ويضربها في مقتل وأعتقد أن قبيلة المبدعين نفسها ستنشغل (بِسَك) القضايا لتتلهى عن دورها الحقيقي في خلق حراك إبداعي يجعلها أكثر قرباً من الناس وليس ابتعاداً عنهم كما تحرضهم على ذلك قوانين منظمة (الوايبو). { ثم أن هناك إشكالية تتعلق بآلية التنفيذ نفسها التي أظن أنها ستواجهها صعوبة ملاحقة البصات السفرية وإذاعات المنتزهات وتاكسيات شوارع الخرطوم وإن كان البعض سيتحايل (ويخارج) نفسه من الورطة بأن (يشغل) فعلاً (روبي) وهو مغادر من السوق الشعبي نحو أية مدينة من المدن وبمجرد دخوله الهواء الطلق حين تنقطع حتى إشارات الهواتف المحمولة ما يخلي أغنية لصلاح بن البادية ولمحمد يوسف موسى بالذات (كيْتاً) على قانون حق الأداء العلني. { يا جماعة نحن لسنا ضد تنظيم الأشياء ومنح الحقوق لأصحابها لكن بمنطق ومعقولية وإن استمر الحال على ما هو عليه فليس ببعيد أن نعلن نحن جموع المستمعين إضراباً شاملاً عن سماع أية أغنية سودانية طالما أننا مطاردون بحقوق الأداء العلني، لأنه ما بعيد يجيك محضر شايل عريضة يتهمك فيها بأن أحد أعضاء الجمعية سمعك بتغني في الحمام!! وشكله يناير القادم ده حيكون شهر البِدَع!! كلمة عزيزة { في ظل السباق المحموم للفضائيات لتكسب أراضي شاسعة لدى مشاهديها تسعى نحو نجوم بعينهم هم ملء السمع والبصر فتجدهم يتكررون في الأوقات والأماكن ومؤكد أن هؤلاء ليس لديهم ذنب في هذا التكرار لأنه ما ممكن الواحد تجيه الفضائية السودانية مثلاً لتسجل معه برنامج يقول ليهم (سوري) والله أنا سجلت في الشروق؛ إذ أن الفنان هو بشكل عام مطروح ومتوفر لجماهيره أو هكذا ينبغي أن يكون الحال، لكن أحياناً يتسبب التقليد الأعمى وعدم الابتكار في تكرار ذات الوجوه وفي ذات أوقات البث مما قد يُظهر الفنان بمظهر المكرر والمعاد. لكن تختلف الرؤية ويختلف القياس مع فنانين بعينهم؛ إذ أنك لن تسأم ولن تمل إن استمعت الى ترباس مثلاً في كل الفضائيات أو أن صلاح بن البادية تمدد وتمطى ونزل ليك من الماسورة!! كلمة أعز { منذ إطلالتها الأولى في نجوم الغد قلت إن إنصاف فتحي هي صوت لا يشبهه آخر وليس له مثيل خاصة وصاحبته تمتلك حساً غنائياً عالياً وتطريباً لا محدود والمغالطني يسمعها وهي تغني (مين علمك تهوى الجمال يا قلبي العلمك ظلمك).