قال وزير الزراعة الاتحادي عبدالحليم اسماعيل المتعافي إن فاتورة استيراد الغذاء للسودان تجاوزت العام الماضي 1.6 مليار دولار. وكان الرجل المتعافي يتحدث للعاملين بهيئة البحوث بودمدني، حيث قال يجب أن تتضافر الجهود البحثية للخروج مما وصفه بالأزمة الحقيقية وأن توفير الإمكانات لعمليات البحث العلمي من شأنها النهوض بالزراعة وزيادة الإنتاج الزراعي و...و... وفي الخرطوم كان الدكتور عبدالرحمن الخضر أكثر وضوحاً وهو يقطع بعدم إمكانية معالجة أزمة الغلاء والتدخل المباشر لدعم السلع الغذائية بالأسواق، واتخاذ قرارات فوقية أو جانبية لمعالجة الغلاء في ظل سياسة التحرير الاقتصادي التي تنتهجها الدولة. واعلن السيد الوالي عن ترتيبات وشراكات بتقنيات أجنبية يظهر أثرها بعد أشهر لتحقيق الوفرة في بعض الأغذية وزيادة المعروض من السلع في الأسواق خاصة الفراخ واللحوم واعتبر الحل الحقيقي لقضية غلاء الأسعار يكمن في تحقيق الوفرة لإنزال الأسعار والتدخل ببعض السياسات، مشيراً إلى أن ولاية الخرطوم لديها برنامج متكامل لمجابهة قضية غلاء الأسعار و.. و.. وليعلم السيد القارئ الكريم، والحديث لمؤسسة الملاذات، بأن هذا الغذاء المستورد والذي بلغت فاتورته 1.6مليار دولار ليس هو (التفاح الأمريكي) ولا الموز اللبناني ولا «التين والزيتون» الذي ينبت في مناخ البحر الأبيض المتوسط، وإنما هو الغذاء والقوت الغالب لأهل البلد، بما فيه الطماطم والليمون، أنها مسالة ترقى لدرجة الجريمة أن يكون السودان، سلة غذاء المنطقة والإقليم، هو من يستورد غذاءه بما يقارب الملياري دولار بل بلغ بنا الأمر أن نستورد حتى (البنضورة)!!.ونحن الذين نمتلك الأرض الصالحة والماء العذب والرجال الصالحين!!، فقط تنقصنا الإرادة والإدارة لهذه المكونات المستحيلة والتي لو امتلكتها أي دولة محترمة أو غير محترمة لأصبحت أعظم دولة في هذه الدنيا. فنحن أمة تبكي شهور الخريف من الماء الذي هو فوق معدل (مواعيننا) التصريفية، وفي المقابل نبكي بقية العام من الجفاف والتصحر، ولو أن كمية المجهودات التخطيطية والتمويلية التي نبذلها لمناهضة المياه بذلناها لاستيعاب هذه المياه وتوظيفها في الزراعة لما افتقدت موائدنا في شهر الصيام (البندورة والبطيخ والليمون) وذلك لكونها ستكون أكثر وفرة ومن ثم ستكون في متناول يد الفقراء والمساكين. لا أتصور أن مسألة غلاء الأسعار ستعالج بقرار حكومي يتخذه الدكتور عبدالرحمن الخضر، ولكن الأزمة تكمن في «الندرة» وقلة الإنتاج، وقلة الإنتاج تنتج عن ثقافة قلة المزروع، وقلة المزروع تنتج عن ضعف قلة الحيلة و«ثقافة الاستزراع» وثقافة الاستزراع أو قل «الثورة الزراعية» يخطط لها الأذكياء وينفذها الأبطال ويستغلها هذا الشعب العظيم، حيث لا النهضة ولا النفرة نجحت في أن توفر لنا «ليمون وبطيخ رمضان»، والرأي عندي وبعد الانتهاء مباشرة من عمليات (تقرير المصير) أن نذهب مباشرة لإعلان الثورة الزراعية. ولتبدأ هذه الثورة بصناعة بحيرة ضخمة وسط منطقة البطانة، بحيرة تستوعب فيها كل هذه المياه التي تتسرب من بين يدي غفلتنا إلى الأنهار، وليعلم القارئ الكريم أن كل تلك المياه التي اجتاحت مدينتي شندي وكبوشية وتجتاح في كل موسم هذه القلاع، هي بالأحرى مياه تتحرك من مناطق القضارف وشرق السودان وتعبر مئات الكيلومترات والهكتارات وتشق أرض البطانة عرضا وطولا لتصب في نهر النيل وتواصل مع النيل مسيرته إلى خارج السودان .. ونحن لا نبكي فقدان المياه ولكننا نبكي تهديم المنازل. وكنا ساعتها سنكسب مرتين، مرة نحفظ مدننا من الغرق ومرة نُحدث الوفرة «وتزداد كيل بعير».. وذلك كيل يسير لمن يسره له الله. والله أعلم