{ بعد غدٍ الأربعاء الذكرى الثانية والأربعون لثورة الفاتح من سبتمبر الليبية التي قادها العقيد معمر القذافي، ولا يزال، وهي أصلاً انقلاب عسكري نفذته مجموعة من الضباط والجنود ومثل الانقلابات التي سبقته، هنا في العالم العربي خاصةً، فقد أطلق أصحابه عليه اسم ثورة. { وفي البداية كان أبرز شعارات الثورة الليبية هي الحرية والاشتراكية والوحدة، وهي شعارات عبد الناصر والبعثيين مع اختلاف في الترتيب. { وكان الرئيس المصري جمال عبد الناصر سعيداً بهذه الثورة وكان يرى أنها دليل على حيوية الأمة العربية ومعها أيضاً ثورة مايو السودانية التي قادها عام 1969م العقيد جعفر نميري، وفي رواية أن عبد الناصر قال إن الرئيس الليبي يذكّره شبابه. { والعقيد القذافي الآن يحكم بلاده لأكثر من أربعين عاماً، ولذلك فهو عميد الحكام العرب والأفارقة، وأياً كان الرأي فيه فإن الحكم هذا الزمن الطويل يعني أنه صاحب قدرات خارقة وبصرف النظر عن طبيعة هذه القدرات. { وفي عهد القذافي تعاقب على حكم السودان الرئيس نميري والمجلس العسكري الانتقالي برئاسة المشير عبد الرحمن سوار الذهب والحزبان الكبيران التاريخيان بقيادة السيدين الصادق المهدي ومحمد عثمان الميرغني ثم الرئيس المشير عمر البشير. { ومن الغريب أن العلاقات السودانية الليبية، في أي من هذه العهود، لم تكن راسخة مطمئنة بنّاءة محققة للحد الأدنى من المصالح والمنافع للبلدين الشقيقين الجارين العربيين الأفريقيين. { وتعاقب على حكم مصر في عهد القذافي، المستمر من عام 1969م حتى الآن، ثلاثة رؤساء هم «عبد الناصر والسادات ومبارك»، وعلى حكم السعودية أربعة ملوك هم «فيصل وخالد وفهد وعبد الله»، وعلى حكم الولاياتالمتحدةالأمريكية ثمانية رؤساء هم «نيكسون وفورد وكارتر وريجان وبوش الأب وكلينتون وبوش الابن وأوباما». { وهنا تبدو ملاحظة مهمة ذات دلالات فبينما حكم الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال الأربعين سنة الماضية ثمانية رؤساء نجد أن مصر حكمها ثلاثة رؤساء والسعودية أربعة ملوك كان من الممكن أن يكون ملكاً واحداً لولا الموت ومازال العقيد القذافي يحكم ليبيا. { والسبب هو الديمقراطية التي تحقق تداول السلطة وحصرها في فترة زمنية محددة وعدم جواز خلود الحاكم على مقعده وهو هناك يحقق الخلود بإنجازاته وليس بالبقاء الطويل المبالغ فيه على كرسي الحكم ويكون في كثير من الأحيان ضد رغبة شعبه بل ضد صحته! { ولا يبدو، حتى في الخيال، أن العقيد القذافي يخطط للتقاعد، وهو مازال في كامل صحته وحيويته، وبقاؤه أصلاً هو مسؤولية الشعب الليبي. { والثورة الليبية عندما قامت كنا تلاميذ في الثانوي مقبلين على الجامعة، ومن هنا نستطيع أن نقول إن العقيد القذافي هو أحد أهم الثوابت في حياتنا منذ أيام الثانوي وحتى الآن!