أهالي جزيرة توتي يمضون هذه الأيام أوقاتاً أقل توتراً عمّا كان يحدث كل عام، حيث تنذرهم التوقُّعات الرسمية للإرصاد الجوي بحدوث زيادة في منسوب النيل الطبيعي أو فيضان. فبوجود الكبري أمكن للجنة درء آثار السيول والأمطار نقل آلياتها للجزيرة بكل سهولة ويُسر لعمل سد كل الثغرات التي قد تؤدي لفيضان واتلاف المزارع والبيوت، حيث ترابط عند مدخل الجزيرة قُبالة النيل القلابات واللودرات بعد أن تم عمل سياج ترابي ضخم في عدة أماكن منخفضة.. مياه الفيضان غطت العديد من كمائن الطوب وتجاوزتها لتصل إلى عمق المنازل المطلة على النيل دون أن تُحدث أضراراً ملحوظة. ويقول المواطن فاروق عبد المتعال إن كمائن الطوب لم تتضرر بالمياه لأنها عادة تتوقف عن العمل في موسم الخريف والوضع في جهات الجزيرة مطمئن للغاية لأن الاستعانة بالآليات الثقيلة يُسهم في سرعة عمل الردميات ودخول الآليات الجزيرة يعتبره فاروق من حسنات الكبري الذي أسهم أيضاً في تغيير عادات وتقاليد اجتماعية جميلة تميزت بها الجزيرة والأهالي. ويقول فاروق وهو من مواطني توتي بحسرة كنا نلتقي كل صباح في الطريق إلى «المعدية» وكذلك مساء في رحلة العودة أما الآن فكل من لديه عربة يقودها من أمام منزله ويجد نفسه خارج الجزيرة عبر الكبري دون أن يلتقي بأحد من جيرانه أو يلقي تحية الصباح، ويتجه من لا يملك عربة إلى المركبات العامة التي دخلت حديثاً بعد قيام الكبري ولم يعد من المألوف حمل «النعش» على الأيدي برفقة الأهالي والجيران كما كان يحدث سابقاً بعد أن دخلت حديثاً عربة لنقل الجثامين وايصالها للمقابر بجهد شخصي من أحد الخيّرين بالجزيرة. ويعتقد فاروق أن «توتي» قرية حديثة ومازالت في قلب العاصمة المثلثة ولا تقل حداثة عن باقي أحياء الخرطوم بمحلياتها السبع وستحافظ على تفرُّدها كجزء أصيل من مدينة الخرطوم. قدمت أسماءً لامعة على المستوى السياسي والفني. أيضاً التقينا بالمواطنة زاهية عثمان التي أكدت أنهم مطمئنون تماماً أياً كان الوضع فالكبري كما تقول اختصر الوقت الكبير الذي كان سيهدره الأهالي في تأمين المزارع والبيوت، أما التغييرات الاجتماعية فأمر فرضته ضرورات التحديث الذي شمل كل أشكال الحياة في المدن السودانية. وتضيف أتمنى فقط أن يظل مسجد توتي العتيق هو قبلة المصلين كل جمعة من أهالي الجزيرة فقد استبدله البعض بمساجد أخرى مطلة على النيل بعد قيام الكبري.